شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر فناء العالم وكيفيته

صفحة 240 - الجزء 2

  والجزاء تمام العدل ونظامه ولولا ذلك لكان خلق الدنيا وما فيها عبثاً تعالى الله عن ذلك ... إلى آخر كلامه #.

  وروي أن عبدالمطلب وكان مقراً بالله تعالى مقراً بالبعث كان يقول: إنه لن يخرج من الدنيا ضلول حتى ينتقم الله منه فقيل له: إن فلاناً مات حتف أنفه، فأطرق ساعة ثم قال: لا بد من دار غير هذه الدار يجزى فيها المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته.

  وأما الشيخ أبو علي ومن تبعه فإن الوجه عنده غير ذلك وهو أنه يقول: إن العقل يُجوّز أن يكون للأجسام ضد يخلقه الله لفنائها وإعدامها لأنه من جملة الذين يذهبون إلى أن الفناء عرض يخلقه الله لإعدام الأجسام مضاد لها وذلك باطل بما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى.

  وأما كيفية فناء العالم فإن الله سبحانه يفنيه (ويعدمه) كأن لم يكن وهذا كما ترى حكاه الإمام # عن جمهور أئمة أهل البيت $ وغيرهم وهو قول أبي علي وأبي هاشم وغيرهم.

  قال الزمخشري في تفسير قوله تعالى: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ}⁣[الأنبياء: ١٠٤]، فإن قلت: وما أول الخلق حتى يعيده كما بدأه؟

  قلت: أوله إيجاده عن العدم فكمأ أوجده أولاً عن العدم يعيده ثانياً عن عدم. انتهى.

  وقال (الجاحظ والملاحمية وبعض المجبرة) وهم الكرامية: (محال) إعدامه وإنما الفناء عندهم بمعنى التمزق والتغير والتبدد.

  والذي حكاه الإمام يحيى # من استحالة عدم العالم عن الجاحظ والكرامية فقط.

  وقال #: احتج الجاحظ والكرامية بأن العالم لو انتفى لكان انتفاؤه لا يخلو إما أن يكون لمؤثر أو لا. ومحال أن يكون انتفاؤه لا لمؤثر وذلك معلوم بالضرورة.