شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر فناء العالم وكيفيته

صفحة 245 - الجزء 2

  بالإيجاد ابتداء أي كما قدرنا على الإيجاد نقدر على الإعادة من غير نظر إلى سبق عدم والله أعلم.

  وقال الحسين بن القاسم بن علي العياني # في تفسيره لقوله تعالى: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ ٢٩}⁣[الأعراف]، أي كما افتطركم وبدعكم وابتدأ خلق أجسامكم وصنعكم فستعودون كذلك وترجعون من الصور على ذلك حتى يعرف بعضكم بعضاً بالعلامات إلا أن صور المؤمنين ترد على أحسن الهيئات وتركب أجسامهم للذات بخلاف تركبها للمحن النازلات لأن الحكيم لا يجعل بناء الإقامة كبناء الرحيل ولا يجوز ذلك في الحكمة والعقول. انتهى.

  قال الإمام يحيى #: وأما قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}⁣[القصص: ٨٨]، فلا نسلم أن المراد بالهلاك هو العدم بل المراد به الموت كما قال تعالى: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ}⁣[النساء: ١٧٦]، أي مات.

  قال: وأما ما اعتمدوه من الإجماع فالمعلوم أن الصحابة والتابعين لم يخوضوا في مثل هذه الدقائق أعني فناء العالم بطرُوّ هذا الضد الذي زعموه وسموه فناء فكيف يمكن دعوى إجماعهم على ذلك.

  وأيضاً فإنه لم يثبت عندنا بدلالة قاطعة إجماع الصحابة والتابعين على أن الله تعالى يفني الخلق بمعنى أنه يعدم ذواتهم وإنما الذي نعلمه قطعاً هو أنه تعالى يبقى بعد موتهم وتفرق أجزائهم.

  قال: فهذا هو الكلام على أدلة القاطعين بإعدام الجواهر.

  وأما الذين قطعوا باستحالة العدم على الجواهر وهم الجاحظ والكرامية فنقول لهم: بم تنكرون على من يقول: إن إعدامها متعلق بالفاعل، وقولكم: الإعدام أمر سلبي فلا يجوز إضافته إلى الفاعل؟

  قلنا: هذا فاسد فإن الإعدام أمر معقول يفهمه العقلاء ويميزون بينه وبين سائر الحقائق وإذا كان كذلك فلم لا يجوز إضافته إلى الفاعل ففساد إضافته إلى