[ذكر تبديل الأرض والسماء وما يلحق بذلك]
  تأويل تُبدَّل: هو تغير، وتغييرها هو نسف ما على وجهها من الجبال، وبعثرة ما فيها من القبور. وبعثرة القبور فهو إخراج ما فيها من الموتى، وردهم بعد الفناء أجساماً أحياء. وتبديل حالها تسوية خلقها، وعدل متفاوتها، وقشع أوساخها وتجديد بهجتها، واستواء أقطارها، حتى تكون الأرض مستوية فَيْحاء معتدلة الأرجاء، لا تفاوت فيها ولا اختلاف.
  إلى قوله: فهذا تبديلها وتغييرها. وكذلك تبديل السموات فهو رد الله لها إلى ما كانت عليه في الابتداء، ثم يردها على ما هي عليه اليوم من الاستواء، من بعد أن تصير كالمهل. والمهل فهو: شيء يكون كالدهن يخرج من صفو القطران، فذكر الرحمن أنها تكون في يوم الدين كالمهل السائل بعد التجسيم الهائل، وهو قوله سبحانه: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ}[الدخان: ١٠]، يريد أنها تعود إلى ما كانت عليه من الدخان، ثم ترد سماوات مطبقات، كما خلقت من الدخان أولاً سموات مقدرات مجعولات، تبييناً منه سبحانه لقدرته، وإظهاراً لنفاذ أمره فيما افتطر من فطرته.
  فهذا معنى ما ذكر الله من تبديل الأرض والسماوات، لا أنه يذهب بهما ويخلق سواهما من غيرهما، وإنما تبديله لهما وتغييره نقلهما من حال إلى حال، والأصل واحد مستقيم غير فانٍ ولا معدوم. مَثَلُ ذلك مثل خلخال من ذهب أو فضة كُسِر فصُيِّر خلخالاً أوسع منه قدراً، فكان قد بدلت خلقته، وغيرت صنعته، ونقلت حالته من حال إلى حال، ومن مثال إلى مثال، فبدل تصويره، وأصلُ فضته ثابت لم يبدل ولم يغير، ... إلى آخر كلامه #.
  وقال ولده المرتضى محمد بن يحيى # في الإيضاح: وسألتم عن تبديل الأرض والسماء وكيف تبديلهما فهما مبدّلتان مغيرتان كما قال ذو الجلال والإكرام؟
  وسألتم عن بعث الخلق أقبل تبديلهما أم بعد؟