(فصل): في ذكر فناء العالم وكيفيته
  قال محمد بن يحيى ¥ نقول في ذلك ما قال ذو الجلال والإحسان: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ٤٨}[إبراهيم]، فذكر سبحانه أنهما مبدلتان وأن الخلق من بعد ذلك مخرجون.
  وكذلك قال ø: {وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ ٣ وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ ٤}[الانشقاق]، فذكر أنها تمد ثم تلقي ما فيها من بعد مدها، وتغيير الأرض فهو تغيير ما عليها ونسف ما على وجهها وتغيير المنخفض والناشز منها وتغيير خلقها وما هو الآن عليها وحدوث ما يحدثه الله سبحانه مثل ذلك كمثل سوار من فضة قلب خواتيم فالسوار قد زاح عن صنعته وصار خواتيم والفضة هي هي بعينها لم تتغير، ولا يقدر أحد أن يقول: هذا الخاتم هو سوار؛ لأنه قد راح عن صنعته الأولى.
  فهذا معنى التغيير للأرض ومن ذلك ما قال ذو الطول والامتنان لمحمد ÷: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا ١٠٥}[طه]، وإنما سألوه عنها يوم القيامة، فقال ø: {فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا ١٠٦ لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا ١٠٧}[طه]، فأخبرهم ø أنها يوم القيامة تنسف، وذكر سبحانه استواءها يوم القيامة واعتدالها حتى لا يرى فيها من عوجها ولا أَمْتِهَا شيء. انتهى.
  وفي كلام القاسم # الآتي ذكره ما يدل على مثل هذا، وحكى السيد حميدان # عن أهل البيت $ أن الفناء عندهم على ثلاثة أضرب: فالضرب الأول فناء الأوقات وسائر الأعراض وفناؤها عدمها والعدم ليس شيء فيتوهم ويعبر عنه بغير ما يرجع إلى النفي والبطلان.
  والضرب الثاني فناء الحيوانات البشرية وهو التفريق بين أرواحها وأجسادها بالموت.
  والضرب الثالث: فناء الجمادات النامية والجامدة وهو التفريق بين مجموعها بالبلاء أو بالإحراق ونحوه.
  وفي كلام أمير المؤمنين علي # المحكي عنه في نهج البلاغة الذي منه: