[حسن الفناء والحكمة في البعث]
  «حتى إذا تصرمت الأمور وتقضت الدهور وأزف النشور أخرجهم من ضرائح القبور وأوكار الطيور وأوجرة السباع ومطارح المهالك سراعاً إلى أمره، مهطعين إلى معاده، رعيلاً صموتاً، قياماً صفوفاً، ينفذهم البصر، ويسمعهم الداعي، عليهم لبوس الاستكانة وضرع الاستسلام والذلة» ما يدل على مثل كلام القاسم #.
[حُسْن الفناء والحكمة في البعث]
  (ووجه حسنه) أي حسن فناء العالم (التفريق) أي التفرقة (بين دار الامتحان) وهي دار الدنيا (ودار الجزاء) وهي الدار الآخرة، وذلك أن دار الدنيا دار تكليف وعمل وامتحان ومشاق وتعب ودار الجزاء هي دار المجازاة على ما سلف من الأعمال في دار الدنيا إما بالثواب الدائم الجسيم أو بالعذاب السرمد الأليم ولا عمل فيها ولا تكليف فهما كالمتضادين فلا بد من التفرقة بينهما.
  (فإن قيل: لِمَ لَمْ يكن الجزاء) من الله سبحانه بالثواب والعقاب (في الدنيا) مع عدم فنائها؟
  قال #: (قلت وبالله التوفيق: لعلم الله تعالى أن أكثر العصاة لا يوقنون به) أي بالجزاء حينئذ أو بالله (تعالى) وإن ظهرت عندهم الأدلة على ذاته وصفاته وصدق وعده ووعيده.
  (فلو أنه تعالى عاقبهم) في دار الدنيا (من غير) فنائها وغير (خلق ما يعلمون به ضرورة) أي بضرورة العقل (أن ذلك) الذي لحقهم (عقوبة) منه تعالى لهم على عصيانهم (لم يعرفوا كون ذلك) العقاب الواصل إليهم في الدنيا (عقوبة) وجزاء لهم على عصيانهم، (وإنما يعدونه) أي ذلك العقاب في الدنيا (من نكبات الدهر) ونوائبه التي صارت تصيب غيرهم (كما يزعمون) ذلك ويتحدثون به في الماضين والباقين وينكرون كونه من الله تعالى عقوبة لهم