شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل: في ذكر الرزق)

صفحة 256 - الجزء 2

  قالت (العدلية) جميعاً: (والرزق) هو (الحلال من المنافع) وهو كل ما ينتفع به من الأموال والعبيد وغير ذلك كالعقل والقوة والجوارح، (والملاذ) من مأكول ومشروب ومنكوح ومشموم، وكل ما ينتفع به دون الحرام فلا يسمى رزقاً.

  وقالت (المجبرة: بل والحرام) يسمى رزقاً فالحلال والحرام عندهم رزقاً رزقه الله متناولهما بناء على قاعدتهم في الجبر أن أفعال العباد من الله تعالى الله عن ذلك.

  (قلنا) رداً عليهم: لا خلاف أنه قد (نهى الله عن تناوله) أي تناول الحرام (والانتفاع به) فكيف يجعله لنا رزقاً وهو ينهانا عنه كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ١٠}⁣[النساء]، وغير ذلك.

  (فهو) أي الحرام (كما لا يتناول) أي كالذي لا يتناول (ولا ينتفع به) من الأشياء التي لا منفعة فيها أصلاً.

  (وهو) أي الذي لا يتناول ولا منفعة فيه (ليس برزق اتفاقاً) بيننا وبينهم.

  (وأيضاً لم يسم الله [تعالى⁣(⁣١)] رزقاً إلا ما أباحه) لنا (دون ما حرمه) علينا كما (قال تعالى: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا}) أي خمراً مسكراً، فلم يسمه رزقاً ({وَرِزْقًا حَسَنًا}⁣[النحل: ٦٧])، أي خلاً وعنباً وتمراً فسمى ما انتفع به من ثمرات النخيل والأعناب وليس بمسكر رزقاً حسناً، ولم يسم المسكر رزقاً، وهذا واضح.

  وأيضاً فإن أئمة اللغة وأربابها لا يسمون ما اعتقدوا تحريمه رزقاً.

  قال (المسلمون: وما ورد الشرع بتحريمه) من أي شيء (فلا يحل)


(١) ما بين المعقوفين مثبت من المتن.