شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل:) في حقيقة التكليف ووجه حسنه

صفحة 268 - الجزء 2

  المصلحة فيه على جهة التفصيل رددناه إلى هذه القاعدة وقضينا بكونه حكمة وصلاحاً سواء كان تكليفاً أو غير تكليف وسواء كان تكليفاً لكافر أو مؤمن وهذا جواب مقنع لا يرد عليه شيء.

  قال الإمام يحيى #: واعلم أن الشرائط المعتبرة في حسن التكليف منها ما يرجع إلى المكلٍّف الحكيم وهو أن يكون منعماً بأصول النعم وهي خلق الحي وخلق حياته وخلق شهوته وإكمال عقله وتمكينه من المشتهيات ونصب الأدلة وأن يكون تعالى مزيلاً للأمور المانعة عن تحصيل الأفعال المكلَّف بها، وأن يكون تعالى مزيحاً للعلل بتحصيل الألطاف على رأي الموجبين لها.

  وأما ما يرجع إلى المُكلَّف العاقل فهو أن يكون المكلف قادراً على تحصيل ما كلف به من فعل أو كف وأن يكون عاقلاً لأن العقل هو مِلاك التكليف ومركب الأمانة وأن يكون مشتهياً للشيء الذي منع منه ونافراً عن الشيء الذي أمر بفعله لأن معقولية التكليف لا تحصل إلا بما ذكرناه من المشقة وأن يكون عالماً بصفة الفعل الذي كلف بتحصيله من واجب أو ندب وعالماً بصفة القبيح ليكون متمكناً من تركه.

  وأما ما يرجع إلى الفعل المكلَّف به فهو: أن يكون ممكن الحصول صحيح الوقوع لأن التكليف بالمحال متعذر.

  وأن يكون له صفة زائدة على حسنه كالواجب والمندوب، فأما المباح فلا يمكن التكليف به إذ لا صفة له زائدة على حسنه.

  وأن يكون المكلف به شاقاً فعلاً أو تركاً (وكذلك الزيادة فيه) أي في التكليف فإنه عرض على الخير (من) نحو (إمهال إبليس) اللعين إلى يوم الدين (والتخلية) بينه وبين العباد في إغواء من أطاعه منهم، وكذلك التخلية بين الظالم والمظلوم والقوي والضعيف مع قدرته تعالى على منع الظالم من المظلوم وليتم التكليف؛ لأنه لو منع الظالم من المظلوم بالقسر والإلجاء لما كان