(فصل:) في حقيقة التكليف ووجه حسنه
  للذي يترك الظلم ثواباً ولا صح النهي عن الظلم لأنه غير مطلق حينئذ فلا يتم التكليف (و) كذلك (إنزال المتشابه) من القرآن الكريم فإنه من الزيادة في التكليف لأن فيه امتحاناً للمكلفين وإتعاباً لهم بوجوب رد المتشابه إلى المحكم كما قال الله سبحانه: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ...} الآية [آل عمران: ٧]، فمن رد المتشابه إلى المحكم خلص عن إثم التشبيه والتجسيم ونسبة القبيح إليه سبحانه وغير ذلك، ويفوز بالأجر العظيم والثواب الجسيم.
  (و) كذلك (تفريق آيات الأحكام الخمسة) التي أوجب الله معرفتها جعلها سبحانه مفرقة في القرآن وعلى المكلف البحث عنها والطلب لها وذلك زيادة في التكليف والمشقة ليعظم الأجر والثواب.
  وقد قيل: إن آيات الأحكام خمسمائة آية والحق أنها أكثر من ذلك، وقلما تخلو آية لا يؤخذ منها حكم والله أعلم.
  (و) كذلك من زيادة التكليف (إبقاء المنسوخ) حكمه (مع بقاء الناسخ) له في القرآن يتلى مع تلاوته فإن في ذلك من زيادة التكليف ما لا يخفى (ونحو ذلك) كزيادة الشهوة والدواعي والابتلاء بالمصائب والآلام والتكاليف الشاقة كالجهاد وغير ذلك (لأنها عرض على استكثار الثواب) بالصبر على أداء الفرائض والوقوف عند الحدود، وبهذا يعلم بطلان قول من زعم أن الألطاف واجبة على الله سبحانه وتعالى.
  (وهو) أي العرض على استكثار الثواب (حسن) من الله تعالى كأصل التكليف فإنه لما كان حسناً لكونه عرضاً على الخير فكذلك الزيادة فيه لكونها زيادة في الخير.
  قال (المسلمون) كافة: (ولم يكلف الله سبحانه وتعالى إلا ما يطاق) لا ما لا يطاق فلا يكلفه أحداً من عباده لكونه قبيحاً وقبحه معلوم بضرورة العقل