شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل:) في حقيقة التكليف ووجه حسنه

صفحة 270 - الجزء 2

  والله تعالى لا يفعل القبيح ألا ترى أن العقلاء يذمون من أمر الأعمى بنقط المصحف ومن لا جناح له بالطيران ويستنقصون عقله وكانت المجبرة لا تلتزمه.

  ولو قالوا: إن الأفعال كلها من الله تعالى، وإنه لا يقبح منه تعالى قبيح بل قالوا: لأنه لا يليق من الحكيم لما فيه من النقص شاهداً ولم يزالوا على ذلك حتى صرح أبو الحسن (الأشعري) بجوازه جرياً على قياس مذهبهم وقواعدهم من نفي التقبيح العقلي، والقول بإيجاب القدرة للمقدور ونحو ذلك من القواعد المنهارة، فقال: (بل كلف الله أبا جهل⁣(⁣١)) اللعين واسمه عمرو بن هشام وكنيته أبو الحكم (ما لم يطق) وذلك (حيث أمره) أي أمر أبا جهل (أن يعلم ما جاء به النبي ÷ وبالإيمان معاً) أي أمره بهما معاً، (ومن جملة ما جاء به النبي ÷ الإخبار) من الله تعالى (بأنه) أي أبا جهل (كافر) أي يموت على الكفر فيستحق دخول النار.

  (وإعلامه) أي إعلام أبي جهل (به) أي بكونه يموت كافراً (تكليف) من الله لأبي جهل (ويلزم) منه (التكليف) من الله أيضاً له (بلازمه) أي لازم العلم بأنه يموت كافراً (وهو) حصول (الكفر) منه ليكون الإخبار من الله


(١) عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي القرشي: أشد الناس عداوة للنبي [÷] في صدر الإسلام، قال صاحب عيون الأخبار: أدرك الإسلام، وكان يقال له: أبو الحكم، فدعاه المسلمون: أبا جهل. سأله الأخنس بن شريق الثقفي وكانا قد استمعا شيئاً من القرآن: ما رأيك يا أبا الحكم فيما سمعت من محمد؟ فقال: ماذا سمعت؟ تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف، أطعموا فأطعمنا وحملوا فحملنا وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تحاذينا على الركب وكنا كفرسي رهان قالوا: منا نبي يأتيه الوحي من السماء، فمتى ندرك هذه؟ والله لا نؤمن به أبداً ولا نصدقه! واستمر على عناده يثير الناس على محمد رسول الله [÷] لا يفتر عن الكيد لهم والعمل على إيذائهم، حتى كانت وقعة بدر الكبرى، فشهدها مع المشركين، فكان من قتلاها. (الأعلام للزركلي باختصار).