شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل:) في أحكام اللطف وغيره

صفحة 280 - الجزء 2

  وإن كنا قد ذكرنا أنه لا اعتبار بالمقدار في الشكر بل بما يقع من الإعظام والإجلال والخضوع والتذلل فقط وبلوغ المبلغ العالي في ذلك.

  فالثواب من الله تعالى على ذلك تفضل وإنعام ولولا ذلك لما كان متفضلاً علينا بأصل التكليف؛ لأنه إذا كان الثواب يتنزل منزلة الأجرة على الأعمال فقد ثبت في الشاهد أن من استأجر أجيراً على عمل من الأعمال ليعطيه أجرته فإنه وإن استحق عليه الأجرة على ذلك فإنه لا يكون متفضلاً عليه بذلك الاستئجار فلو كان إنما عرضنا تعالى بالتكاليف الشاقة لأجل أن يعطينا هذه الأجرة التي هي الثواب العظيم لم يكن متفضلاً علينا بالتكليف وقد ثبت أنه تعالى متفضل علينا بالتكليف لما بينا أن التكليف ليس إلا إكمال العقل المتضمن لوجوب واجبات وقبح مقبحات وحسن محسنات وخلق الشهوة والنفار اللذين يتعلقان بالأفعال والتروك على ما تقدم بيانه.

  قال: فإن قيل: إنه كان يمكنه أن يغنينا بالحسن عن القبيح فلا يشق علينا الفعل فلأجل جعله شاقاً علينا استحققنا عليه الثواب ووجب عليه تعالى فعله.

  قلنا: وما تعني بقولك: إنا نستحق عليه تعالى فعله؟ فإن عنيت بذلك أنه يحسن منه تعالى عند ذلك المنافع العظيمة المقرونة بالإجلال والتعظيم وكان لا يحسن منه ذلك التعظيم أوّلاً قبل هذه الأفعال والتروك فهذا صحيح ولكنه لا يجب إذا حسن منه تعالى عند فعله، ولم يحسن منه عند ألا يفعل ذلك أن يقال بأنه واجب عليه ألا ترى أنه يحسن المدح والتعظيم الكثير لمن فعل الطاعات واجتنب المقبحات ويكون ذلك مستحقاً علينا له.

  وإن لم نقل كان ذلك واجباً علينا وإن عنيت بذلك أنه لو لم يفعله تعالى لكان التكليف قبيحاً فقد بينا أن ذلك لا يدل على وجوب الفعل.

  وإن أردت باستحقاقنا للثواب عند فعل الطاعات واجتناب المقبحات أن الثواب جار مجرى المدح من المنعم للشاكر على النعم والأيادي لما فعل العمل