شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل:) في أحكام اللطف وغيره

صفحة 281 - الجزء 2

  الحسن وهو الشكر فذلك صحيح، ولا يقتضي أن ذلك واجب عليه وإنما يحسن منه ذلك كما يحسن من سائر العقلاء وإنما يختص القديم تعالى في الثواب بأنه قد أعلم أنه يجازي به ووعد به على الامتثال لأمره فصار مستحقاً عليه كاستحقاق الموعود على الواعد له بالوفاء وليس هذا من الوجوب في شيء.

  قال: فإن قيل: لو لم يجب الثواب على الله تعالى لحسن منه الإخلال به ومعلوم أن ذلك قبيح.

  قلنا: إن الله تعالى كان يحسن منه أن يخل بالثواب بأن لا يتقدم منه الإنعام، فأما بعد الإنعام منه فإن إخلاله بالثواب يكشف عن أمرين قبيحين:

  أحدهما: كون التكليف قبيحاً؛ لأنه يكون قد فعله لا ليصل المكلف إلى المنافع التي هي منافع الثواب فيكون التكليف إما عبثاً وإما ظلماً.

  وثانيهما: أنه يكشف عن الكذب في وعده بالثواب للمقربين وهم القابلون لأنعام رب العالمين فهذا القبح عند الإخلال بالثواب لا يرجع إلى الإخلال به وإنما يرجع إلى ما ذكرناه.

  قال: وقد بينا أن الإخلال بالفعل إذا كشف عن قبح غيره ودل عليه فإنه لا يقتضي وجوب ذلك الفعل. انتهى.

  ومما يدل على ما ذكرناه من أنه لا يجب على الله سبحانه لعباده شيء ما رواه المؤيد بالله # في كتاب سياسة المريدين عن رسول الله ÷ أنه قال لأبي ذر |: «يا أبا ذر إن حقوق الله جل ثناؤه أعظم من أن يقوم بها العباد ولكن أمسوا تائبين وأصبحوا تائبين»⁣(⁣١).

  ومن أقوال الأئمة $ قول الوصي كرم الله وجهه في بعض خطبه بصفين ما لفظه: «ولكنه جعل حقه على العباد أن يطيعوه وجعل جزاءهم عليه مضاعفة


(١) أخرجه المؤيد بالله # في سياسة المريدين، وأخرجه أبو نعيم في الحلية عن طلق بن حبيب التابعي موقوفاً، وكذلك المزي في تهذيب الكمال، وابن كثير في البداية والنهاية.