شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل:) في أحكام اللطف وغيره

صفحة 287 - الجزء 2

  كل مكلف ما عنده يؤمن وذلك يقتضي أن لا يعصي أحد، وروي عنه أنه رجع.

  قال: وذهب الشيخ جعفر بن حرب إلى أنه متى كان الفعل مع عدم اللطف أشق والثواب عليه أكثر جاز أن لا يفعل تعالى اللطف وإن كان المعلوم أنه لو فعل اللطف لآمن لكن ثوابه يكون أقل لقلة المشقة، وحكي عنه الرجوع عن ذلك.

  قال: وأما الشيخ أبو هاشم فربما ذهب مذهب جعفر بن حرب، وربما فصل في ذلك تفصيلاً، وربما ذهب إلى مذهب أبي علي وهو أن اللطف واجب وهو مذهب قاضي القضاة وغيره من الشيوخ.

  قال: والدليل على صحة ما ذهبنا إليه وفساد ما ذهب إليه المخالف وجوه⁣(⁣١): أحدها: أن اللطف لا يعلم وجوبه ضرورة ولا يصح عليه دليل، وكل ما هذه حاله فإثباته لا يجوز أما أنه لا يعلم ضرورة فذلك ظاهر.

  وأما أنه لا يصح على وجوبه دليل فالذي يصح أن يكون دليلاً عليه هو ما كان متعلقاً به وليس ذلك إلا ما يرجع إلى التكليف إما بأن يقال: إن تركه يعود على الغرض بالتكليف بالنقض والإبطال.

  وإما بأن يقال: إن تركه يجري مجرى فعل المفسدة أو أنه جاري مجرى التمكين، أو أنه إزاحة لعلة المكلف وما عدا ذلك مما نذكر إنما يرجع إلى ما ذكرنا وشيء من هذه الأمور لا يدل على وجوب اللطف لطريقتين جملية وتفصيلية:

  أما الجملية فهو أن ذلك كله محافظة على أن لا يبطل التكليف أو يقبح فعله، وقد ثبت أن التكليف تفضل من الله تعالى فيجوز أن يزيله وألا يتفضل به وقد فعل تعالى ذلك في كثير من المكلفين فإنه يقطع التكليف عنهم ويرفعه تارة بالموت وحيناً بإزالة العقل وتارة بتسليط العجز وغير ذلك.


(١) وجوهٌ أربعة. (من هامش الأصل).