شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل:) في أحكام اللطف وغيره

صفحة 315 - الجزء 2

  الإشارة والكتابة والرسالة، والإلهام والكلام الخفي، وكلما ألقيته إلى غيرك يقال: وحيت إليه الكلام وأوحيت وهو أن تكلمه بكلام تخفيه، قال العجاج: وحى لها القرار فاستقرت. وأوحى الله إلى أنبيائه $ أشار إليهم، والوحى مثال الوغى الصوت، والوحى السرعة يمد ويقصر ويقال: الوحا الوحا أي البدار البدار. ذكره في الصحاح. (إلى أزكى البشر) أي أفضلهم وأكملهم (عقلاً) وخَلْقاً وخُلُقاً أي: الزائد على البشر في العقل والكمال، وجميع الخلال المحمودة كذكاء الفطنة، وحسن الخلق والخُلُق، والسخاء والشجاعة، وغير ذلك فلا بد أن يكون النبي أفضلهم في هذه الخلال (و) أزكاهم (طهارة) أي أفضلهم في الطهارة (من) دنس (ارتكاب القبائح) ونحوها فلا يتعمد معصية لله ø ولا يدخل في حرفة دَنِيَّة مسترذلة.

  (وأعلاهم) أي أعلى البشر (منصباً) أي أرفعهم بيتاً وأطيبهم سِنْخاً⁣(⁣١).

  وقوله #: (بشريعة) متعلق بقوله: وحي الله أي وحي الله بشريعة والشريعة ما فرضه الشارع - وهو الله سبحانه - وبينه من الأحكام وأدلتها على ما يأتي إن شاء الله تعالى.

  وقال الإمام المهدي # في حد النبيء: والنبيء في الشرع هو: البشر المتحمل الرسالة عن الله تعالى إلى الخلق من غير واسطة بشر. قال: فالبشر الذي في أول الحد أخرج الملائكة، والذي في آخره أخرج العلماء.

  واعلم أن النبوءة فضيلة وأمانة يعطيها الله من اختاره واصطفاه من عباده ممن علم تعالى منه الوفاء بها، والقبول لها، والثبوت عليها من غير جبر؛ لقوله تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَاتِهِ}⁣[الأنعام: ١٢٤]، وقوله ø: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ}⁣[الحج: ٧٥]، واختصاصه تعالى بها بعض عباده


(١) السنخ: الأصل من كل شيء. ذكره في المعجم الوسيط.