(فصل): [وجوب معرفة الرسل على المكلفين]
  أن الشرعيات من العبادات ونحوها وجبت عقلاً كالعقليات سواء، والسمع إنما كان شرطاً للأداء لا للوجوب إلا أن في الشرعيات لم يكن للعقل هداية إلى وقوع كميته وشرائطه فالشرع يعرف ذلك كالطبيب يعرف المريض الدواء لمرضه ثم المعنى الذي أوجب علينا ذلك هي نعمة الله تعالى في أصول النعمة وهي الخلق والحياة والشهوة والقدرة ونحوها فإن شكر النعمة واجب عقلاً بكل حال إلا أن المنعَم عليه لا يعلم كيف شكر نعمة المنعم فالمنعم عرفه ذلك قولاً وفعلاً من الصلاة والزكاة والصيام والحج ونحوها. انتهى.
  وقال الإمام أحمد بن سليمان # في الحقائق: اعلم أنه لما ثبت أن الله ما خلق الخلق إلا لمصلحة وما خلق المتعبدين إلا ليعبدوه وأنه قد أعطاهم من الاستطاعة والعقل ما يبلغون به المراد من التكليف العقلي والتكليف العقلي معرفة العبد لخالقه ونفي صفات النقص عنه في ذاته وفي أفعاله ومعرفة النعمة والجزاء واستحسان الحسن والعمل به واستقباح القبيح والتجنب له وكان العقل يحكم بحصول الحاجة الداعية إلى التكليف الشرعي لأن العقل لا يؤدي إلى معرفة كيفية العبادة كالطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحج وأشباه ذلك وكان التكليف الشرعي لا يحصل إلا برسول من عند الله تعالى وكان إرسال الرسل من تمام الحجة وكمال النعمة.
  ولما كان العقل الذي هو أكبر حجج الله على عبيده يجده العبد لنفسه في نفسه، ولم يكن العقل غير استحسانه للحسن واستقباحه للقبيح ونظره وتمييزه لنفسه بنفسه وجب أن يكون الرسول إلى الناس من أنفسهم ولأنه لو كان من غيرهم لثقل ذلك عليهم ولما أنسوا إليه بجميع حوائجهم فحكم العقل أن الكتاب والرسول من الله من تمام الحجة وكمال النعمة. انتهى.
= العراق واليمن، وهو معدود من أصحاب المؤيد بالله، وله (شرح الزيادات). (طبقات الزيدية باختصار).