شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): [وجوب معرفة الرسل على المكلفين]

صفحة 322 - الجزء 2

  ومنها متشابه يحتاج إلى بيان، ومنها ما حُفظ أوله ونسي آخره، ومنها ما روي مرسلاً بلا حجة فيه ولا بيان لمتدبريه، ومنها ما دلس على الرواة في كتبهم فيا لَلَّه كيف حارت العقول وقلدت الأتباع وتقسمت الأهواء وتفرقت الآراء ونبذ القرآن وغيرت السنن وبدلت الأحكام وخولف التوحيد وعاد الإسلام غريباً والمؤمن وحيداً خائفاً والدين خاملاً. انتهى ما ذكره الإمام الهادي # وقد أحببت ذكر هذا وإن كان زائداً على ما نحن بصدده لما تضمن من الفوائد العظيمة والمنافع الجمة.

  وقال (أهل اللطف) الذين تقدم ذكرهم ليس علم المكلف من جهة العقل أنه لا بد لله من رسول إلى عباده لينبي عن الله ببيان أداء شكره (بل) علم ذلك من جهة العقل (لأنه يجب على الله تعالى الأصلح) في أمور الدين والدنيا ولا شك أن إرسال الرسل أصلح للمكلفين في الدين و الدنيا من عدم إرسالهم؛ لأنه يعلم قطعاً أن في بعثتهم مصلحة إما في الدين أوالدنيا وحينئذ يعلم المكلف عقلاً أنه يجب عليه تعالى أن يبعث الرسل لما قررناه عنهم من وجوب الأصلح على الله تعالى.

  (قلنا) رداً على أبي القاسم وأصحابه البغداديين في تعليلهم: (لا واجب على الله تعالى) عن ذلك لعباده (كما مر) ذكره فبطل قولكم إن العقل يحكم بوجوبها على الله لأنه يجب على الله تعالى للمكلفين الأصلح.

  وقال الإمام (المهدي #) وغيره من متأخري أهل البيت $ (وبعض صفوة الشيعة) أي بعض الزيدية (وكثير من المعتزلة) كأبي علي وأبي هاشم وأكثر المعتزلة: (لا يجب) على المكلف أن يعلم ذلك عقلاً بل لا يهتدي العقل إلى وجوبها وإن كان يعلم أنها جائزة منه تعالى؛ لأنه يجوّز أن يكون فيها مصلحة للمكلفين لولا هي لما عرفت تلك المصلحة فتكون حسنة ويُجوّز أن لا يكون فيها مصلحة زائدة على ما عرف بالعقل فتكون قبيحة.