شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[بيان هل تحسن البعثة من غير شرع أم لا]

صفحة 323 - الجزء 2

  وأما بعد وقوع البعثة فإن المكلف يعلم قطعاً أنها حسنة لكونها لطفاً للمبعوث والمبعوث إليهم هذا معنى كلامهم في ذلك.

  قال القاضي عبدالله بن زيد العنسي | في كتاب المحجة فذهب المسلمون إلى أن العقل يُجوِّز حسن إرسال الله تعالى للرسل وذهبت البراهمة إلى أنه يقبح.

  قال: وإذا كان العقل يجوز كونها مفسدة في بعض الأحوال لم يصح القول بأنها تحسن أو تجب في كل حال من الأحوال بقضية العقل؛ لأنه يستحيل أن تكون حسنة وقبيحة معاً.

  قال: وأيضاً فإن من ولد أصم وبلغ كمال عقله لا يمكنه معرفة الشرعيات فلا تصح البعثة إلى من هذه حاله.

  قال: فأما من جهة الشرع فيدل على أنه ما من أمة إلا ولها رسول قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ ٢٤}⁣[فاطر]، وقوله ø: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ١٥}⁣[الإسراء].

  قلت: وقد تقدم في أول الكتاب ما يعضد هذا حيث قلنا: هناك أنه لا يصح انفراد التكليف العقلي عن الشرعي ويدل عليه أيضاً كلام الهادي ومن وافقه من قدماء أهل البيت $ والله أعلم.

[بيان هل تحسن البعثة من غير شرع أم لا]

  قال العنسي: واختلف المسلمون هل تحسن البعثة بغير شرع أو لا.

  قلت: مراده هل تحسن البعثة بغير شريعة بل مُؤكِّدة لما في العقل أو بشريعة متقدمة.

  قال: فروي عن أبي علي ومن تقدمه من المتكلمين أنه يحسن بغير شرع متى كان ذلك لطفاً في الواجبات العقلية.

  قال: وذكر الشيخ الحسن بن متويه أنه ليس بصريح مذهب أبي علي ومن حذا حذوه لكنهم لما كالموا البراهمة وألزموهم أن يأتوا بما قضى به العقل التزموه فقط.