(فصل): [وجوب معرفة الرسل على المكلفين]
  لولاها لما علم أو لغير زيادة في التكليف بل لما يحصل من زيادة تنبيه على أمور قد تعلق بها التكليف السابق أو زيادة تحذير وتأكيد لما في العقول من التكاليف أو تأكيد لشريعة متقدمة من غير أن يكون قد انطمس شيء من أحكام تلك الشريعة.
  واحتج أبو علي بأن المقصود بالبعثة حصول اللطف للمكلفين وهو حاصل بأحد هذه الوجوه السابقة وذلك كاف في حسنها بل في وجوبها.
  قال #: ولنا في الاحتجاج على ما ذكره أبو هاشم من أنه لا بد فيها من تعريف مصلحة لا يهتدي إليها العقل أنه لا يحسن من الله بعثة نبي إلا بمعجز يدل على صدقه وهذا متفق عليه ولا معجز إلا ويجب النظر فيه عقلاً لدفع ضرره.
  والمعلوم أنه لا يجب النظر في ذلك المعجز إلا مع تخويف من تركه ليكون النظر حينئذ دفعاً للضرر الذي هو الخوف والمعلوم أنه لا تخويف من ترك النظر إلا مع تجويز الجهل ببعض المصالح الدينية من مفسدة أو لطف وهي التكاليف الشرعية فبذلك التجويز يحصل الخوف فيجب النظر دفعاً للضرر كما هذه هي الطريقة في وجوب معرفة الله تعالى.
  هكذا ذكره وقرره النجري في شرحه بهذا اللفظ.
  قال النجري: ولقائل أن يقول: مجرد التجويز كافٍ في التخويف كما ذكرتم أي في حسن التخويف فمن أين يجب أنه لا بد من وقوع ذلك المجوز فيجوز أن يبعث بعض الأنبياء لا لتعريف مصلحة بل لشيء مما ذكر أبو علي ويجب النظر في معجزته لتجويز أن يكون مبعوثاً لتعريف مصلحة.
  قال أبو علي: وذلك في تعريف النبي بنبي آخر لمجرد التأكيد والتقوية.
  قال: وأصحابنا يمنعون ذلك ويقولون لا بد فيه من تعريف مصلحة أخرى لم تعلم من غيره فعرفت من هذا أن الخلاف بين أبي هاشم وأبي علي وأبي القاسم