شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): [وجوب معرفة الرسل على المكلفين]

صفحة 326 - الجزء 2

  في هذه المسألة إنما هو في حصول المصلحة من بعثة النبي ÷ فأبو القاسم ومن تبعه يقطعون بحصول المصلحة فلهذا أوجبوا البعثة.

  وأبو علي وأبو هاشم ومن تبعهم يجوزون حصولها ويجوزون عدمها وإن اختلفوا في القدر الكافي منها فأبو علي يكتفي منها بما ذكر عنه أولاً من زيادة التكليف أو زيادة التنبيه كما سبق ذكره.

  وأبو هاشم وأبو علي ومن تبعهما يحكمون بأن العقل لا يحكم بوجوب البعثة ولا حسنها إلا إذا كان فيها مصلحة ولا تعلم المصلحة عندهم إلا بوجود البعثة ودليل السمع فلهذا قالوا: لا يهتدي العقل إلى وجوبها وإن كان يجوزه قالوا: (لأن الشرائع ألطاف في) الواجبات (العقليات)، ولا يهتدي العقل إلى كونها ألطافاً إلا بعد إيجابها لجواز أن يكون اللطف في غيرها فلما أُوجِبَت علم كونها ألطافاً كما قد تكرر ذكره عنهم.

  ومعنى ذلك: أن فعل الواجبات الشرعية يكون مسهلاً لفعل الواجبات العقلية من نحو رد الوديعة وقضاء الدين وترك الظلم ونحو ذلك.

  وأما المندوبات فإنما ندبت لكونها مسهلة للواجبات وليست لطفاً فيها وإلا لوجبت.

  وأما المكروهات فإنما كرهت لكون فعلها مسهلاً للقبائح وليس فعلها مفسدة فيها وإلا لقبحت.

  قال القرشي: وقال أبو علي وجبت الشرائع لمنعها من القبيح وقبحت لمنعها من الواجب.

  وقال العنسي في المحجة: أما الشرعيات فقد اختلف مشائخنا فيها: فقال بعضهم: إنما تجب هذه العبادات لأنها لطف في واجبات أخر وتكون النوافل مسهلة لهذه الواجبات الشرعية لأن من اعتاد النوافل سهلت عليه الواجبات من الصلوات الفرائض وأجناسها ومن قل اعتياده بالعبادات النوافل ثقلت عليه