شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[إثبات أن الطاعات شكر والجواب على من قال بأنها ألطاف وما يلحق بذلك]

صفحة 328 - الجزء 2

  يكون قبحه لكونه مفسدة وقد دل الشرع على قبائح أن ذلك لكونها مفسدة نحو الخمر والميسر فإنه يوقع العداوة والبغضاء اللذين يقبحان عقلاً.

  قال: وذهب الشيخ أبو علي إلى أن وجه القبح في قبائح الشرع لكونها مانعة من الواجب فقط وإن كان أبو هاشم قال بمثل ذلك ثم رجع عنه.

  قال: وإنما منع أبو علي أن تقبح القبائح الشرعية لكونها مفاسد لاعتقاده أن فعل المكلف لا يكون فيه مفسدة.

  قال: لأنه قد ثبت أن الله تعالى لا يجوز أن يفعل المفسدة لكونها قبيحة فلو كانت في فعل المكلف مفسدة لكان لا يقع منه قبائح الشرع من الزنا وغيره بل كان يجب أن يصرفه الله تعالى عن ذلك وإلا لم يكن مُزِيحاً لعلته فلما وقع ذلك منه علمنا أنها ما قبحت لكونها مفاسد. انتهى ما ذكره العنسي، وقد سبق ذكر بعض هذا في كتاب العدل.

  قالوا: وإذا كانت الشرعيات ألطافاً في العقليات والعقل لا يهتدي إلى تعيين اللطف الذي يجب فعله إلا بإيجاب الشارع ما خلا المعرفة بالله تعالى كما سبق ذكره في باب النظر (و) كان (الشكر) للمنعم هو (الاعتراف) بالنعمة منه مع الإجلال والتعظيم له (فقط) أي من غير عمل يجب على المُنعَم عليه في مقابلة النعمة صح ما قلناه من أن بعثة الرسول لا تعلم قطعاً بالعقل.

[إثبات أن الطاعات شكرٌ والجواب على من قال بأنها ألطاف وما يلحق بذلك]

  (لنا) حجة عليهم: (قوله تعالى: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا}⁣[سبأ: ١٣])، فنص سبحانه وتعالى على أن الأعمال الواجبة شكر له تعالى على نعمه.

  (ونحوها) أي ونحو هذه الآية كقوله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ١٥٢}⁣[البقرة]، فإنها دالة على أن الأعمال الواجبة التي من جملتها الذكر لله تعالى شكر لله وأن تركها كفر للنعمة.

  (و) لنا أيضاً (إجماع أهل اللغة) العربية (على أنه) أي الشكر له شعب