شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): [وجوب معرفة الرسل على المكلفين]

صفحة 333 - الجزء 2

  بذلك عن البعثة المتأخرة حينئذ.

  قلت: وهذا الجواب غير واضح.

  قال: واحتج أبو علي بأنه إذا كان في بعثته تأكيد لما في العقول وزيادة تنبيه كانت لطفاً لنا وقد قدمنا أن ما علم الله لنا فيه لطفاً وجب أن يفعله.

  قال: قلنا: لا طريق لنا إلى القطع بأن في بعثته تأكيداً وتنبيهاً وإن جوزناه لم نقطع بأنه خال عن مفسدة معارضة للمصلحة.

  قال: هكذا أجاب بعض أصحابنا وهذا الجواب فيه تسليم تجويز البعثة لما ذكره أبو علي إذا خلت عن المفسدة وثبتت المصلحة فلا يكمل هذا الجواب إلا بالتدريج الذي ذكرناه في احتجاج أبي هاشم.

  قال: واحتج أبو علي أيضاً بأنه يجوز تعزيز النبي بنبي معه تأكيداً، وإذا جاز ذلك جاز تعزيز العقل ببعثة نبي يؤكد ما دل عليه العقل.

  قال: قلنا: إنا نقول: لا يجوز ذلك التعزير المقيس عليه إلا لمصلحة لم تعلم إلا به وإلا لم يصح للتدريج السابق.

  قال: واحتج أيضاً بأن الله تعالى بعث الأنبياء ليدعوا المشركين إلى التوحيد والعقل كافٍ في ذلك وإنما أكد بالأنبياء.

  قال: قلنا: بل الغرض من بعثتهم تعريف الشرائع لكن لما كانت الشرائع لا تصح من مشرك دعاهم إلى التوحيد أوّلاً ليصح عملهم بالشرائع ودعاؤهم إليه من باب النهي عن المنكر لا من باب التعريف بأنه قبيح، ويجوز أنه من باب التعريف لإخلالهم بالنظر لا لكونه لا طريق إليه إلا من جهتهم. انتهى ما ذكره الإمام المهدي # في الغايات وهو احتجاج لمذهب أبي هاشم من أنه لا بد أن يعرف بالنبوة ما لا يعرف بدونها وإلا لما حسنت وإنما ذكره الإمام # هنا للاحتجاج على أن الشرعيات شكر لله تعالى فلو لم تكن شكراً لم يرد معها التخويف.