شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): [وجوب معرفة الرسل على المكلفين]

صفحة 335 - الجزء 2

  وقالت (البراهمة) وهم فرقة من الكفار بالهند: (بل) بعثة الرسل الواقعة (قبيحة)، قالوا: (إذ العقل كافٍ) في معرفة وجوب الواجبات وقبح المقبحات فبعثتهم لتعريف ذلك عبث، وإذا جاءوا بما يخالف العقل لم يحسن منا قبوله؛ لأنه الحجة علينا وهو الصادق الذي لا يكذب.

  وقال القاسم بن إبراهيم # في كتاب الرد على الرافضة ما لفظه: «زعمت الرافضة أنه لم يكن قرن من القرون خلا، ولا أمة من الأمم الأولى إلا وفيها وصي نبي أو وصي من وصي حجة لله قائمة عليهم وعالم بأحكامه كلها فيهم».

  إلى أن قال #: «وما قالت به الرافضة في الأوصياء من هذه المقالة فهو قول فرقة كافرة من أهل الهند يقال لهم البراهمية تزعم أنها بإمامة آدم من كل رسول وهدى مكتفية وأن من ادعى بعده نبوءة أو رسالة فقد ادعى دعوى كاذبة ضالة، وأنه أوصى بنبوته إلى شيث وأن شيثاً أوصى إلى وصي من ولده، ثم يقودون وصيته ولا أدري لعلهم يزعمون أن وصيته اليوم فيهم». انتهى.

  وفيه دلالة على أنهم ينكرون النبوة اكتفاءً بالوصاية من آدم لا بالعقل والله أعلم.

  (قلنا) في الرد عليهم: (لا يهتدى إلى امتثال أمر) المالك (المنعم إلا بها) أي ببعثة الرسل لأنه قد ثبت وجوب شكر المنعم بالعقل ولا يعرف تفصيل ما يحق له تعالى من الشكر إلا بإنبائه ولا يتهيأ إنباؤه ø مشافهة كما سبق ذكره فثبت أنها حسنة وأن المكلف يعلم بفطرة عقله أنه لا بد لله من رسول.

  وقال العنسي: والجواب عن قول البراهمة من وجهين:

  أحدهما: أنه يجوز أن يكون ما جاءوا به موافقاً للعقل ولا يكون عبثاً لأن القلوب مع دعائهم وظهور المعجز عليهم أقرب إلى الانصراف عن قبائح العقل والالتزام لمحسناته كما أن لِوَعظ الوعاظ هذه المزية وإن كانوا يعظون بما قضى به العقل وكما أن تصنيف الحكماء في ذلك ليس بعبث كذلك في مسألتنا.