(فصل): في الفرق بين الرسول والنبيء
  مقبُرَة فإذا جثوة في التراب فضربها برجله وقال: قم بإذن الله فانتفض التراب فإذا هو شخص قد صار حياً وهو يقول: يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله، ثم ضربها فعادت إلى ما كانت، وانتهى به إلى جثوة أخرى فضربها فقام صاحبها وهو يقول الحمد لله ثم ضربها فعادت إلى ما كانت، فقال: يا محمد فعلى هذا يبعثون(١).
  فإن قيل: فالملك بم يعرف أوامر الله ونواهيه ورسالته من عند الله؟
  فالجواب: ما رواه الهادي # حين سأله أبو القاسم الرازي | حيث قال: فقلت: كيف يأخذ جبريل # الوحي عن الله وكيف يعلمه وكيف السبيل فيه من الله حتى يفهمه؟
  واعلم هداك الله أن القول فيه عندنا كما قد روي عن رسول الله ÷ أنه سأل جبريل عن ذلك فقال: «آخذه من ملك فوقي، ويأخذه الملك من ملك فوقه، فقال: كيف يأخذه ذلك الملك ويعلمه؟ فقال جبريل: يلقى في قلبه إلقاءً ويلهمه الله إياه إلهاماً» وكذلك هو عندنا أنه يلهمه الملك الأعلى إلهاماً فيكون ذلك الإلهام من الله إليه وحياً كما ألهم تبارك وتعالى النحل ما تحتاج إليه وعرفها سبيلها ... إلى آخر كلامه #(٢).
  واعلم أنه يجوز أن يرسل الله نبيين في زمان واحد والعقل يحكم بجواز ذلك وحسنه كما قد وقع كإبراهيم ولوط @ فإن لوطاً أرسل إلى المؤتفكات وهي خمس قرى على ما رواه أهل التفسير ورسالة إبراهيم # إلى من سواهم، وكموسى وهارون لقوله تعالى: {فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ}[طه: ٤٧]، وقوله تعالى: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ}[طه: ٤٣]، وغير ذلك.
(١) رواه الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان (ع) في حقائق المعرفة.
(٢) رواه الإمام الهادي # في مجموعه، ورواه الشرفي في تفسير أهل البيت $ المصابيح في مسائل الشاك.