(فصل): في ذكر المعجز وحقيقته
  قال الإمام المهدي # وذلك معلوم بالضرورة فلا يحتاج إلى دليل فإنا نعلم من حال المشعبذين المعجزين بعملهم من يراهم أنهم إنما أدركوا ذلك تعلماً واستنباطاً أو لخَاصيّة عرفوها كما روي عن سحرة فرعون أنهم اتخذوا حبالاً شحنوها زئبقاً ومن خاصية الزئبق أنه إذا حمي بحرِّ الشمس اضطرب وتحرك وجرى فصارت تلك الحبال والعصي يخيل إلى الناس من أجل ذلك أنها تسعى كما تسعى الحيات.
  (ولا يصح) أن يكون (نبي بلا معجز) لأنه لا يدل على صدقه إلا المعجز (خلافاً للحشوية) فإنهم يقولون: يجوز أن يكون الشخص نبيئاً من غير معجز ولا وحي أيضاً ولا شريعة لا جديدة ولا إحياء مندرسة بل يكون له تنويرات وإلهام يفارق بها سائر البشر.
  (قلنا) في الاحتجاج عليهم: إن النبوءة دعوى من النبي صلى الله عليه تفتقر إلى تصحيح وتصديق، و (المعجز شاهد بصدقه) أي بصدق النبي المدعي للنبوءة (وإذا عدم الشاهد) بصدقه فيما ادعاه (لم يحصل التمييز بين النبيء الصادق الأمين وبين) المتنبئ (نحو مسيلمة) الكذاب (اللعين) المدعي للنبوءة من غير برهان ولا رسالة من الرحمن وإذا كان كذلك كان تلبيساً للهدى بالباطل والهراء (والله عدل حكيم لا يلبس خطابه بالهراء) وهو الكلام الباطل (والافتراء) وهو تعمد الكذب والزور.
  فإن قيل: فما أنكرتم أن يكون أظهر الله المعجز لمصلحة في الدين لا لتصديقه أنه رسول رب العالمين؟
  قلنا: متى أظهر الله المعجز عليه مطابقاً لدعواه لم يخل أن يكون لغرض أو لا؟
  الثاني محال؛ لأنه عبث والعبث قبيح، وإذا كان لغرض فلا يخلو أن يكون غرضه تصديقه أو تكذيبه أو لا أيهما ولكن ما يتعلق بغيره ومحال أن يكون غرضه تكذيبه لأن كلامنا فيما إذا أتى المعجز مطابقاً لدعواه ومحال أن يكون