[شرط المعجز والخلاف في جواز تقدمه وتأخره]
  غرضه لا تكذيبه ولا تصديقه لأن أقل أحواله أنه يوهم التصديق أنه رسول من الله وأن ما جاء به من الشريعة لازمة من عند الله وإيهام الخطأ لا يجوز فلو لم يكن الغرض تصديقه لكان تلبيساً وتعمية للمراد واستدعاء للجهل وذلك قبيح والله تعالى لا يفعل القبيح فلم يبق إلا أنه تعالى إنما أظهر المعجز على يديه ليدل بذلك على صدقه وهذا ذكره العنسي ¦.
  (بلى يجوز أن) يكون نبي بلا معجز يظهر على يديه ولكن (يشهد بنبوته(١) نبي قبله) فإنا لو فرضنا ذلك لجاز من جهة العقل (لحصول الشهادة) الصادقة (على صدقه) وهي شهادة ذلك النبي الذي قد شهد المعجز بصدقه.
  وهذا الذي ذكرناه من أنه لا طريق إلى معرفة النبوءة إلا المعجز هو قول أهل الإسلام كافة. ذكره العنسي.
  قال: وذهب بعض الفلاسفة المدعي للقول بالأنبياء إلى أن الطريق إلى معرفة صدقهم هو أن يعرف العقلاء مطابقة ما أتوا به من الشرائع للمصلحة.
  قالوا: وهذه طريقة أهل التحقيق والمعجزات طريقة العوام والمتكلمين وسيأتي الرد عليهم إن شاء الله في ذكر الفرق بين المعجز والسحر.
[شرط المعجز والخلاف في جواز تقدمه وتأخره]
  (وشرطه) أي شرط المعجز: (إما أن يدَّعِيه النبي قبل حصوله) أي قبل حصول ذلك المعجز (ويقع) ذلك المعجز (على حسب دعواه) أي على وفق ما ادعاه ذلك النبي وذلك (نحو قوله تعالى حاكياً) عن موسى # في مخاطبته لفرعون لعنه الله حين قال له: {لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ ٢٩}[الشعراء]، فقال موسى #: ({أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ ٣٠}[الشعراء])، أي شيء ظاهر يصدقني فيما ادعيت من الرسالة، فكان ما
(١) الذي في المتن: على نبوته.