(فصل): في الإشارة إلى معجزات نبيئنا محمد ÷
  (وقيل): بل وجه إعجازه (كون قارئه لا يكل) عن تلاوته، (وسامعه لا يمل) عن سماعه، وهذا معلوم بالضرورة فإنه لا يزداد على كثرة تلاوته وترديده في كل وقت إلا حلاوة في قلوب أهل الإيمان بخلاف غيره فإن تكريره يثقل على الألسن وتمجه الآذان، ومن أمثالهم في ذلك أثقل من مُعَاد.
  (وقيل): بل وجه إعجازه (سلامته من التناقض والاختلاف) مع كثرة أمثاله وقصصه وأحكامه فلو كان من البشر لجاز أن يقع فيه التناقض والاختلاف كما قال تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ٨٢}[النساء].
  (وقيل): بل وجه إعجازه (أمر يُحَس به ولا يُدْرَك) بوصف ولا تعبير وكأنه يريد حلاوة تلاوته واستماعه.
  (وقيل): بل وجه إعجازه (صَرفة) مخصوصة (عن معارضته) أي صرف الله الخلق عن معارضته وهذا هو قول إبراهيم النظام وأبي إسحاق النصيبيني من المعتزلة واختاره الشريف المرتضى من الإمامية.
  قال في الشامل: فإن عند هؤلاء أن الله تعالى ما أنزل القرآن ليكون حجة على النبوة بل هو كسائر الكتب المنزلة لبيان الأحكام من التحليل والتحريم والعرب إنما لم يعارضوه ليس لكونه معجزاً في نفسه وإنما صرفهم الله عن معارضته مع إمكانها وصحتها منهم وسَلَبَهم العلم بها.
  قال: فهذا محصول مذهب أهل الصرفة.
  (قلنا) في الجواب على أهل هذه الأقوال: (تحدى الله به فصحاء العرب) جميعاً ومعنى التحدي هو طلب الفعل ممن عرف الطالب عجزه عنه إظهاراً للعجز مأخوذ من حدي الإبل وهو حثها على السير بكلام مخصوص يسمونه حدياً فالتحدي هو حث المخاطب على فعل ما هو عاجز عنه إظهاراً لعجزه كذا ذكره في الغايات.