شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في الإشارة إلى معجزات نبيئنا محمد ÷

صفحة 383 - الجزء 2

  (فعجزوا) أي العرب (عن معارضة ما لا إخبار بغيب فيه من السور) حيث قال تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ٢٣}⁣[البقرة]، وقال: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ}⁣[هود: ١٣]، وقوله تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ٨٨}⁣[الإسراء]، وغير ذلك فلو كان إعجازه لما فيه من الإخبار بالغيب لأتوا بما يعارض غيره مما لا إخبار بغيب فيه.

  والدليل على عجزهم علمنا ضرورة قوة دواعيهم إلى إبطال أمر النبي ÷ وإلا لما قاتلوا وقُتلوا فلو قدروا على المعارضة لكانت أهون عليهم من القتال، وعلمنا بعد التحدي وظهوره لهم أنهم يعلمون أن أمره يبطل بحصول المعارضة التي تحداهم بها وأنه يبطل الفضل الذي ادعاه على غيره بذلك كما أن رجلاً لو ادعى أنه أقوى من رجل بدليل أنه يحمل صخرة لا يقدر الآخر على حملها فإن المدعى ضعفه إذا حملها كما حملها مدعي الفضل بالقوة بطلت دعوى المدعي للفضل في القوة، بذلك يعلم ذلك ضرورة كذلك في مسالتنا سواء سواء من غير فرق.

  فلما علمنا شدة حرصهم على إبطال أمره ضرورة وعلمنا أنهم بعد التحدي يعلمون أن امره يبطل بالمعارضة علمنا يقيناً أنهم إنما تركوا المعارضة وعدلوا إلى ما هو أشق منها وهو القتل والقتال لعجزهم عنها.

  وأيضاً قال تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا}⁣[البقرة: ٢٤]، فنفى القدرة عن المعارضة نفياً قاطعاً جازماً فدلت هذه الآيات الكريمة على التحدي مرة بالقرآن ومرة بعشر سور منه ومرة بسورة واحدة وهذا هو النهاية في التحدي والتعجيز.

  فإن قيل: قد نقلت معارضة مسيلمة الكذاب والمتنبئ روي أن مسيلمة قال