شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر نبوة نبيئنا محمد ÷

صفحة 406 - الجزء 2

  أصحاب محمد ÷ ومن في زمنهم من المخالفين لهم والطاعنين عن القراءة، وكيف يصح ذلك وقد ثبت أنه كلام حكيم أراد أن يكون معجزاً وحجة إلى آخر الدهر ومعتمداً للملة إلى يوم القيامة وإذا كان هكذا فلا بد أن يحرسه عن غيالة الغائلين أو غفلة الناقلين أو نسيان المتحملين إلى آخر العالمين.

  فأما ما توهموا من اختلاف الصحابة في القليل مما ذكروا فذلك لا يقدح فيما ظنوه وذلك لأن الله تعالى أنزل القرآن على محمد ÷ في ثلاث وعشرين سنة وكلما نزلت آية أو سورة قرأها على أصحابه في صلاته ومجالسه وحضره وسفره وهم جلة المهاجرين وخيار الأنصار والذين يلونهم في الأقدار، ويقرؤها على العوام في المواسم العظام ويحث الجميع على الحفظ له والقراءة من المخالف والموافق والسابق واللاحق والزائر والوافد ويرغبهم في ذلك ويحثهم عليه ويقول لأصحابه: «خياركم من تعلم القرآن وعلمه».

  فكانوا يقرؤونه ويصلون به ويتفقهون بما فيه ويتدارسونه بينهم وينقلونه إلى الأطراف والبلدان وكان قد عظم حامل القرآن حتى تبارى إلى حفظه الأقران وأرسل ÷ رجالاً في البوادي يعلمون الناس الدين ويدرسونهم القرآن ويفهمونهم الأحكام ليكونوا قضاة فيما شجر بينهم وولاة أمورهم.

  فأرسل أمير المؤمنين علياً # في وجه وأرسل معاذاً⁣(⁣١) في وجه وأرسل عمرو⁣(⁣٢) بن حزم في وجهٍ في رجال كثير من فقهاء الصحابة وقراء المسلمين


(١) معاذ بن جبل بن عمرو الخزرجي السلمي أبو عبد الرحمن؛ كان من أعيان الصحابة في العلم والفتوى، والحفظ للقرآن؛ أسلم وله ثمان عشرة سنة، شهد العقبة الأخيرة، وبدراً، وما بعدها؛ وبعثه النبي ÷ إلى اليمن يعلّم القرآن والأحكام، وكان يزوره في الأسفار، وأخذ بيده، فقال: «يا معاذ والله إني لأحبك»، وكان أمة حنيفاً قانتاً. توفي في طاعون عمواس بالأردن، سنة ثمان عشرة. ولا صحة لما يذكر عنه من الأقاصيص عند مجيئه من اليمن إلى المدينة بعد وفاة رسول الله ÷. (لوامع الأنوار للإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي # باختصار).

(٢) عمرو بن حزم بن زيد الأنصاري الخزرجي أبو الضحاك؛ شهد الخندق، وولي نجران، وبعث =