شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر نبوة نبيئنا محمد ÷

صفحة 407 - الجزء 2

  وكان في كثير من الأوقات عبادة بن⁣(⁣١) الصامت يقري أهل الصفة وانتشر القرآن في ثلاث وعشرين سنة في الآفاق وظهر حتى مُيِّز عن سائر الكلام ورواه أهل الصلاح والفساد والعلماء والعوام.

  وكان أصحابه ÷ شديدي المحافظة على جميع أموره وأحواله وقراءته على كثرته ونشاطهم وحرصهم على الأخذ منه والتعليم للغير عنه، ولقد حفظوا من أحواله ÷ وأخلاقه وطرائقه ومعاشراته وآدابه وأحاديثه وقصصه وسننه ما هو أكثر مما بين الدفتين، يعلم ذلك الحاضر والباد.

  والعرب مخصوصون بشدة الحفظ وحسن البيان وكانوا أميين لا يعرفون الكتاب ولا يتكلون على المصحف وكانوا أكثر حفظاً وأشد اعتناء بذكره ويؤيدهم على ذلك كثرة العمل به والاحتجاج على المعاند به وقوى دواعيهم إلى حفظه ما ظهر وانتشر من فضل حامله، وكانوا يحبون معالي الأمور وأشرافها ويكرهون سفسافها، ولقد حفظوه ووعوه حتى عرفوا من جمعه من الأنصار ومن حفظه من المهاجرين ومن بقيت له السورة أو السورتان ومن أصحاب الحروف والذين أقرأهم الرسول # ولذلك قال أبو ذر: لقد تركنا رسول الله ÷ وما يقلب طائر جناحيه في السماء إلا وعندنا منه علم وذلك يدل على شدة حفظهم وعلى اعتناء النبي ÷ لتعليمهم وكل ذلك معلوم باضطرار لمن عرف الأخبار وبحث عن السير والآثار.

  ألا ترى أنهم قالوا: إن أول ما نزل من القرآن بمكة {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي


= معه النبي ÷ بكتاب فيه الفرائض، والسنن، والصدقات، والجروح، والديات، وكتابه مشهور. توفي سنة إحدى وخمسين. (لوامع الأنوار للإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي # باختصار).

(١) عبادة بن الصامت، أبو الوليد الخزرجي، السيد النقيب؛ شهد العقبات الثلاث، وبدراً وما بعدها. توفي بالرملة، وقيل: ببيت المقدس، سنة أربع وثلاثين، عن اثنتين وتسعين. (لوامع الأنوار للإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي # باختصار).