شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[نبيئنا ÷ خاتم النبيئين والمرسلين إلى الثقلين]

صفحة 417 - الجزء 2

  ولقوله ÷: «أرسلت إلى الأسود والأحمر» والمراد بالأسود العرب لأن السمرة غالبة عليهم، ويدخل في الأسود أهل الهند والحبش ونحوهم، والمراد بالأحمر العجم والمراد بهم غير من ذكر سواء كانوا حمراً او لا.

  ولأنه قد صح عن النبي ÷ أنه أنذر الجن وأنه خرج إلى جن نصيبين وجرى بينه وبينهم كلام وأخبرهم بالشرائع وكذلك صح أنه غاب عن أصحابه وهو بمكة فأتاهم اليوم الثاني وأخبرهم بأنه جاءه وفد من الجن وخلا بهم وبين لهم شرائعه وأرى أصحابه آثارهم.

  وفي جن نصيبين نزل قوله تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ} وقوله تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ}⁣[الجن: ١] ... الآيات.

  وأما يأجوج ومأجوج فقيل: ليسوا من المكلفين لا من الإنس ولا من الجن وإنما حكمهم حكم البهائم.

  قلت: ولا بعد في هذا القول.

  وقيل: إنهم مكلفون وهم من الإنس من أولاد يافث بن نوح فهم والترك إخوة.

  واختلف من قال بتكليفهم فقيل: تكليفهم بالعقليات فقط دون الشرعيات؛ لأنها لم تبلغهم ولا تمكنوا من العلم بها.

  قالوا: ولا مانع من أن يكون في الناس من لم تبلغه الشرائع وتكليفه بالعقليات فقط.

  قلت: وهذا القول ضعيف لما تقدم من أنه لا يصح انفراد التكليف العقلي عن الشرعي بدليل السمع والعقل.

  أما السمع فقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ١٥}⁣[الإسراء]، وغيرها.

  وأما العقل فلما تقدم في كتاب النبوة أن العقل يحكم بوجوب بعثة الرسل لبيان أداء شكر المنعم، فإذا كانوا من جملة العقلاء لزم أن يشاركوهم في الشرعيات.