(باب: والشريعة)
  فما يخرج من القرآن شيء إلا وقد حصل الإيماء منه إليه كما قال تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}[الأنعام: ٣٨].
  (خلافاً للإمامية وغيرهم) كبشر بن المعتمر والظاهرية والخوارج والنظام والجاحظ والجعفرين والإسكافي فإن هؤلاء خالفوا في القياس وقالوا: إنه ليس من الأدلة فلا يعمل به.
  واختلفوا في التعليل، فقيل: لأنه لا يفيد العلم والمطلوب من الأدلة العلم.
  وقيل: لبناء الشرع على مخالفته.
  وقيل: غير ذلك.
  وقالت الإمامية: بل لأنه يجب الرجوع إلى الإمام المعصوم في كل شيء.
  (لنا) حجة عليهم: (قوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}[النساء: ٥٩]، وقوله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ}[الشورى: ١٠]، أي) فحكمه (مردود إلى الله).
  وقد (قال أمير المؤمنين) علي بن أبي طالب (#) في تفسير ذلك: («الرد إلى الله هو الرد إلى كتابه) تعالى (والرد إلى رسوله) ÷ (هو الرد إلى سنته الجامعة) أي المتواترة المعلومة (غير المفرقة) وهي غير المعلومة» (والرد إلى الله وإلى رسوله بغير ذلك) أي بغير هذا التفسير الذي ذكره أمير المؤمنين # (غير ممكن ضرورة) أي يعلم عدم إمكانه بضرورة العقل أي بديهته (ولا يمكن الرد إلى الكتاب والسنة عند فقد النص) على الحكم المتنازع فيه (منهما) أي من الكتاب والسنة (إلا بالقياس) الصحيح (وذلك معلوم لمن عقل والله أعلم).
  بيانه: أن الأمر المختلف فيه إنما يكون في الأغلب فيما لم يقم عليه دليل يخصه فيرد إلى ما قام دليله وذلك لا يمكن إلا مع حصول الشبه بينهما بالعلة الجامعة وذلك حقيقة القياس.