الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[تقسيم الخبر إلى المقطوع بصدقه والمقطوع بكذبه ومظنونهما]

صفحة 160 - الجزء 1

  وقد يقطع بصدقه: حيث وافق الضروري، نحو: النار حارة. وكما إذا أخبر به⁣(⁣١) بحضرة خَلْقٍ كثير ولم يكذبوه، وعلم أنه لو كان كذباً لعلموه، ولا حامل لهم على السكوت من خوف أو غيره، قال ابن الحاجب: فهو صادق قطعاً؛ للعادة⁣(⁣٢). وكذا ما أخبر به بحضرة النبي ÷ مما يتعلق بشريعتة، أو بمعجزاته، أو نحو ذلك⁣(⁣٣)، ولم ينكره. وقال ابن الحاجب⁣(⁣٤) وغيره: لا يُصدّق قطعاً.

  قلت: لا يجوز سكوته ÷ على منكر قطعاً إذا لم يكن هناك حامل على السكوت، وإلا كنا لا نَثِقُ بما قرَّره من الأقوال مع ذلك؛ فدل على القطع بصدق ما أخبر [به] بحضرته كذلك، فلا وجه لما ذكره⁣(⁣٥).

  قال القاضي عبدالله: هذا إذا كان الخبر لا يلتبس على الرسول ÷ سماعه، ولم ينكر ذلك أحد بحضرته ÷، ولا تقدم منه ÷ إنكار لذلك. انتهى.

  والأخيران⁣(⁣٦) طريق إلى العلم الاستدلالي؛ إذ لم يعلم ذلك إلا بمقدمتين⁣(⁣٧) كسائر الاستدلاليات، لكن الثاني باعتبار حكمة من أقر المُخبِر، والأول من دون اعتبار. ومن الثاني خبر الله تعالى، وخبر رسوله ÷، فهو استدلالي عقلي يفيد القطع لأمر يرجع إلى المخبر، وهو الحكمة، والشرعي كذلك، كخبر الأمَّة والعترة $.


(١) سقط من (ج): «به».

(٢) أي: لأن العادة تقضي بأنه لو كان كذبًا لكذبوه، وبأن سكوتهم ولا حامل لهم عليه تصديق.

(٣) مما لا يعلم إلا من جهته، كأخبار اليوم الآخر. الدراري المضيئة.

(٤) فقال: عدم إنكاره ÷ لا يدل على صدقه قطعاً؛ إذ لا يتعين السكوت للرضا، بل يحتمل أنه ما سمعه أو ما فهمه، و نحو ذلك. هامش (أ).

(٥) أي: ابن الحاجب. هامش (ج).

(٦) وهما: ١ - إذا أخبر به بحضرة خلق كثير ولم يكذبوه ... إلخ. ٢ - ما أخبر به بحضرة النبي ÷ ولم ينكره ... إلخ. هامش (ج).

(٧) المقدمتان في الأول هما: الأولى: التصديق والعلم أنه لو كان كذباً لعلموه، والثانية: قوله: ولا حامل لهم على السكوت ... إلخ. والمقدمتان في الثاني هما: الأولى: عدم اللبس والإنكار من غيره بحضرته ÷، والثانية: عدم تقدم الإنكار منه. هامش (ج).