[تقسيم الخبر إلى المقطوع بصدقه والمقطوع بكذبه ومظنونهما]
  وقد يقطع بصدقه: حيث وافق الضروري، نحو: النار حارة. وكما إذا أخبر به(١) بحضرة خَلْقٍ كثير ولم يكذبوه، وعلم أنه لو كان كذباً لعلموه، ولا حامل لهم على السكوت من خوف أو غيره، قال ابن الحاجب: فهو صادق قطعاً؛ للعادة(٢). وكذا ما أخبر به بحضرة النبي ÷ مما يتعلق بشريعتة، أو بمعجزاته، أو نحو ذلك(٣)، ولم ينكره. وقال ابن الحاجب(٤) وغيره: لا يُصدّق قطعاً.
  قلت: لا يجوز سكوته ÷ على منكر قطعاً إذا لم يكن هناك حامل على السكوت، وإلا كنا لا نَثِقُ بما قرَّره من الأقوال مع ذلك؛ فدل على القطع بصدق ما أخبر [به] بحضرته كذلك، فلا وجه لما ذكره(٥).
  قال القاضي عبدالله: هذا إذا كان الخبر لا يلتبس على الرسول ÷ سماعه، ولم ينكر ذلك أحد بحضرته ÷، ولا تقدم منه ÷ إنكار لذلك. انتهى.
  والأخيران(٦) طريق إلى العلم الاستدلالي؛ إذ لم يعلم ذلك إلا بمقدمتين(٧) كسائر الاستدلاليات، لكن الثاني باعتبار حكمة من أقر المُخبِر، والأول من دون اعتبار. ومن الثاني خبر الله تعالى، وخبر رسوله ÷، فهو استدلالي عقلي يفيد القطع لأمر يرجع إلى المخبر، وهو الحكمة، والشرعي كذلك، كخبر الأمَّة والعترة $.
(١) سقط من (ج): «به».
(٢) أي: لأن العادة تقضي بأنه لو كان كذبًا لكذبوه، وبأن سكوتهم ولا حامل لهم عليه تصديق.
(٣) مما لا يعلم إلا من جهته، كأخبار اليوم الآخر. الدراري المضيئة.
(٤) فقال: عدم إنكاره ÷ لا يدل على صدقه قطعاً؛ إذ لا يتعين السكوت للرضا، بل يحتمل أنه ما سمعه أو ما فهمه، و نحو ذلك. هامش (أ).
(٥) أي: ابن الحاجب. هامش (ج).
(٦) وهما: ١ - إذا أخبر به بحضرة خلق كثير ولم يكذبوه ... إلخ. ٢ - ما أخبر به بحضرة النبي ÷ ولم ينكره ... إلخ. هامش (ج).
(٧) المقدمتان في الأول هما: الأولى: التصديق والعلم أنه لو كان كذباً لعلموه، والثانية: قوله: ولا حامل لهم على السكوت ... إلخ. والمقدمتان في الثاني هما: الأولى: عدم اللبس والإنكار من غيره بحضرته ÷، والثانية: عدم تقدم الإنكار منه. هامش (ج).