[تقسيم الخبر إلى المقطوع بصدقه والمقطوع بكذبه ومظنونهما]
  ذلك؛ للعادة، واختلافها نادر، ومعلوم أن كثيراً من الأخبار لا يُظن صدقها. وأيضاً فيلزم أن يحصل العلم بنبوة النبي ÷ بخبره؛ فلا يحتاج إلى المعجزة. وأيضاً فقد يخبرنا عدل بخبر، ويخبرنا عدل آخر بنقيضه؛ فيلزم التناقض.
  وأيضاً فلو أفاد العلم لوجب أن يُخطي(١) مخالفه، ومعلوم أن الصحابة كانوا يعملون بخلاف خبر الواحد عند وجود ما هو أقوى منه من غير نكير. وإن كان مع قرينة فباطل أيضاً؛ لأن كل قرينة يذكرونها فإن السامع يُجوِّز خلافها، فلا يفيد إلا الظن، فإنا إذا علمنا بمرض زيد، ثم سمعنا الواعية في داره، ورأينا الجنازة، فأخبَرَنا عدل بموته - فإنا لا نقطع بموته؛ لجواز أن يكون مات غيره فجأة، أو أُغْمِيَ عليه، أو أظهر موته خشيةً من سلطان، ونحو ذلك من وجوه التجويز. وكل ما يرجع إلى المخبر من العدالة، وكونه لا داعي له إلى الكذب - إنما يفيد غلبة الظن.
  قلت: لا يلزم ما ذُكر إلا حيث قيل: إنه يفيد العلم حتماً، وأما حيث قلنا: إنه يختلف - فمع تبادر القرائن وانتفاء التجويزات يحصل العلم اليقين الذي لا ينتفي عن النفس بشك ولا شُبهة، ومع خلاف ذلك لا يحصل، فلا وجه يمنع ادّعاء العلم(٢)، سيما مع التجربة. والله أعلم.
[تقسيم الخبر إلى المقطوع بصدقه والمقطوع بكذبه ومظنونهما]:
  نعم، قد يظن صدقه(٣) كخبر العدل، أو كذبه كخبر الكذاب. وقد لا يحصل أيهما حيث لم يكن المُخبِر أحدهما، والمُخبَر به مما لا يُعلم صدقه ولا كذبه.
  وقد يقطع بكذبه: حيث أخبَرَ بما عُلِم نقيضه ضرورة(٤) أو استدلالاً(٥).
(١) يُخطّئ. نخ.
(٢) في (ب): «لا سيما».
(٣) أي: الخبر.
(٤) كالإخبار بالجمع بين الضدين.
(٥) كالإخبار بأن الله جسم وكالإخبار بأن الرسول سيشفع للمجرمين، ونحو ذلك.