الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

مسألة:

صفحة 273 - الجزء 1

مسألة:

  (و) المختار أنه (لا يجري(⁣١) القياس في جميع الأحكام) الشرعية. وقيل: بل يصح ذلك.

  قلنا: يلزم الدور⁣(⁣٢)؛ لأنها إما أن تقاس على غيرها من الأصول العقلية باعبتار وجوه قبحها وحسنها، أو باعتبار أمارة عقلية مستندة إلى عادات - لم يصح ذلك؛ لأن هذه الشرائع غيوب لا مجال للعقل فيها. وإما أن يقاس بعضها على بعض، بأن يقاس الفرع على الأصل، ثم الأصل على الفرع - لم يصح؛ لأن ذلك تبيين الشيء⁣(⁣٣) بنفسه، بخلاف النصوص؛ إذ لا مانع من جري جميعها بها. و⁣(⁣٤) (إذ فيها ما لا يُعقل معناه) كالدية المضروبة على العاقلة، وهو يتعذر⁣(⁣٥) إجراء القياس في مثله؛ لأن (القياس فرع تعقَّل(⁣٦) المعنى) المُعلَّل به الحكم في الأصل. هكذا قيل في تفسير المسألة وتوجيهِ الخلاف. وعلى هذا التفسير كان الأحسن في التعبير أن يقول المؤلف: لا تجري جميع الأحكام بالقياس، كما لا يخفى.

  ولما كان ظاهر كلام المخالف السقوط بالكلية فسَّر ابن الخطيب وغيره


(١) أي: لا يصح القياس عليها أجمع. كاشف لقمان ص ١٨٥ «مركز بدر» ط/الأولى.

(*) وأما إثبات الأحكام كلها بالقياس فلا خلاف في امتناعه؛ لتأديته إلى التسلسل أو الدور، ويصح إثبات جميعها بالنصوص؛ إذ لا مانع من ذلك فافهم. هامش (ب).

(٢) قال في الفصول وشرحه ما معناه: ويمتنع ثبوت كل الأحكام الشرعية بالقياس بحيث لا يكون عليها دليل غيره؛ لأدائه إلى الدور، وذلك لأنه إذا قيس الفرع على الأصل، والأصل على الفرع، كإقاسة الذرة على البر، والبر على الذرة في تحريم التفاضل - كان ذلك دوراً، وهو باطل. أو التسلسلِ، وذلك حيث لا يحكم بإقاسة كل من الفرع والأصل على صاحبه، بل أقسنا الفرع على الأصل، والأصل على أصل آخر، وكذلك إلى ما لا نهاية.

(٣) في (ب): «للشيء».

(٤) حرف العطف سقط من (أ).

(٥) «متعذر». نخ.

(٦) المراد بالمعنى: العلة. هامش (ب).