الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

مسألة: [الترجيح بين العقليين:]

صفحة 658 - الجزء 1

  ويرجح العام الأمسّ بالمقصود على غير الأمسّ، مثل قوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ}⁣[النساء ٢٣] يرجح على قوله تعالى: {أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ}⁣[النساء ٢٥]؛ لأن محل الخلاف هو الجمع بين الأختين بملك اليمين، وقد دلّ قوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} بعمومه على حرمته، وقوله: {أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} بعمومه على إباحته، إلا أن الأول أمسّ بمسألة الجمع، فرجح.

  ويرجح ما ذكرت علته على ما لم تذكر علته؛ بسبب سرعة الانقياد وسهولة القبول.

  وقول المصنف: (و) يرجح الخبر (بموافقة القياس) قد أغنى عنه ما ذكره أولاً في قوله: بموافقته لدليل آخر، كما لا يخفى على الفطن، والله أعلم.

مسألة: [الترجيح بين العقليين:]

  (و) أما القسم الثاني - وهو العقليان كالقياسين - فالترجيح بينهما يكون باعتبار الأصل، والفرع، والمدلول، والأمر الخارج.

[الترجيح بين القياسين حكم الأصل]:

  أما الأصل فيرجح بحسب حكم الأصل، وبحسب العلة، فذلك نوعان:

  النوع الأول: (يرجح) القياس (بكون حكم أصله قطعيًّا) على ما هو ظني (أو) لكون (دليله) حيث كانا ظنيين (أقوى) وقد سبق ترجيحه في ترجيح المنقولين؛ فإن حكم الأصل لا محالة يكون ثابتاً بالنص أو الإجماع. (أو) بكون حكم الأصل في أحدهما (لم ينسخ باتفاق) والآخر وإن لم ينسخ فقد اختلف في كونه منسوخاً. هذا، ويرجح الأصل بكونه على سنن القياس باتفاق، والآخر مختلف فيه⁣(⁣١). أو بدليل خاص على تعليله بما علل به، بخلاف الآخر


(١) أي: اختلفوا هل هو جارٍ على سنن القياس أو معدولٌ به عنه.