تنبيه: [حقيقة الصدق والكذب عند الإمام القاسم بن محمد $]:
  لقوله تعالى في أول الآية: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا} إلى قوله تعالى: {كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}[الأنعام ١٤٧]، فإنه سبحانه حكم عليهم بالكذب، على قراءة من قرأ بتخفيف الذال من كذَّب، ثم قال تعالى: {إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ١٤٨}[الأنعام]، فثبت بذلك أن المُخبِر عن ظنٍّ أو وهمٍ إذا لم يطابق خبره الواقع كان كذباً؛ لأن الله تعالى وصفهم بذلك، وهذا واضح كما ترى.
تنبيه: [حقيقة الصدق والكذب عند الإمام القاسم بن محمد $]:
  ذهب إمام زماننا - أيده الله تعالى - في حقيقة الصدق والكذب(١) إلى طريق غير طريق مَن ذُكِر(٢)، وأتى في ذلك من فصل الخطاب بما يقضى منه العجب العُجاب.
  قال - أيده الله تعالى -: إن طابق الحكم الواقع وما تضمَّنه من الاعتقاد فصدق، وإن خالف الحكم الواقع والاعتقاد أو أحدهما، تعمداً من الحاكم(٣) فكذب؛ أما مجموعهما فواضح، وأما أحدهما فإنه تعمد بالخبر خلاف الواقع، والاعتقاد، وما كان كذلك فكذب. وما خالف الاعتقاد بلا تعمد فجهل، كفتاوي الجهال بغير الحق، فإن ذلك يسمى جهلاً، ولا يسمى كذباً، وكمن أخطأ في عبارة فإنه يسمى جَهْلاً، ولا يسمى كذباً، ومن نحو المجنون هذياناً. انتهى.
(١) قال الحسين بن القاسم في الغاية: ولوالدنا قدس الله روحه قول في الصدق والكذب مغاير لما تقدم، حاصله: موافقة الجاحظ في معنى الصدق، وموافقة النظام في معنى الكذب إن كان ثمة اعتقاد، فالواسطة عنده ثلاث صور: مطابقة الواقع وغير المطابق إذا كان من دون اعتقاد، كخبر الساهي والمجنون و النائم والشاك، ومطابق الاعتقاد دون الواقع، وهو الجهل المركب. شرح الغاية ٢/ ٩. وهذا الكلام أوضح وأوجز من كلام القاضي |.
(٢) وهم أئمتنا $ والجمهور والجاحظ والنظام.
(٣) أي: المخبر؛ لأنه يحكم بسلب نحو: ليس زيد بعالم، أو إثبات، نحو: زيد عالم.