مسألة: [في تعارض أفعال النبي ÷ وأقواله، وحكم ذلك]:
  كنا نَكْسِل(١) على عهد رسول الله ÷. ولا نغتسل، فاستدلت(٢) به على عدم وجوب الغسل من الإيلاج من دون إنزال، وهو مردود؛ إذ مثله يُفعل خُفْية، فيحتمل أنه ÷ لم يشعر به، فلا حجة فيه.
مسألة: [في تعارض أفعال النبي ÷ وأقواله، وحكم ذلك]:
  (ولا تعارض(٣) في أفعاله ÷) إذا كانت متماثلة، كصلاتين في وقتين، أو مختلفة، كصلاة وصوم، اتفاقاً. وإن(٤) كانت متضادة كصوم وأكل(٥) فقال أكثر أئمتنا $ والجمهور: إنه لا تعارض(٦) بينهما أيضاً؛ لجواز الأمر بأحدهما في وقت، والإباحة في آخر(٧)، فَيُقطع بأن أحدهما متأخر فلا تنافي، اللهم إلا أن يدل دليل على وجوب تكرار الأول له أو مطلقاً(٨) أو لأمّته فالثاني ناسخ لحكم الدليل الدال على التكرير، لا لحكم الفعل؛ لعدم اقتضائه التكرار.
  قال المنصور بالله # وأبو رشيد(٩): بل يتعارضان(١٠).
(١) كَسِل الرجل: إذا جامع ولم ينزل.
(٢) أي: الظاهرية
(٣) حقيقة التعارض بين الأمرين: هو تقابلهما على وجه يمنع كل واحد منهما مقتضى صاحبه فلا يتعارض الفعلان وإن تناقضت أحكامهما. هامش (أ).
(٤) في (ج): «فإن».
(٥) أي: في يوم آخر مثله.
(٦) لأنهما إن كانا في محل واحد ووقت واحد استحال تقدير وقوعهما، وإن اختلف الوقت والمحل لم يكونا متعارضين. هامش (أ).
(٧) قال في مرقاة الوصول شرح معيار العقول: وكما ورد عنه ÷ أنه جهر في صلاة كسوف الشمس، وجاء في بعض الأحاديث أنه خافت.
(٨) أي: عليه وعلى أمته. هامش (أ).
(٩) أبو رشيد: هو سعيد بن محمد بن حسن بن حاتم النيسابوري، وهو صاحب كتاب المسائل في الخلاف بين البصريين والبغداديين، وله ديوان الأصول، وإليه انتهت رئاسة المعتزلة بعد قاضي القضاة، (ت حوالي منتصف القرن الخامس).
(١٠) وقال: وذلك نحو أن ينقل أنه ÷ فعل فعلاً، وينقل أنه فعل ضده، ويجهل التاريخ، فإن الفعلين لا يصح التأسي به في أحدهما حينئذٍ لتعارضهما. مرقاة الوصول للسيد داود ص ٣٣٧.