الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

تنبيه: [ضابط القراءة الصحيحة عند الجزري]:

صفحة 102 - الجزء 1

  اللفظ دون هيئاته ما لم يحصل من الناقل أمارة تقتضي أنه متيقن للفظ دون هيئته. والله أعلم.

  قلت: وهو تفصيل جيّد، ولعلَّ الذي أطلقَ الحكم بتواتر الفرش لا ينكره، فليس مذهباً ثالثاً.

تنبيه: [ضابط القراءة الصحيحة عند الجزري]:

  حكى الجزري عن الجمهور أن القراءة الصحيحة: ما صح سندها، ووافقت المصاحف⁣(⁣١) العثمانية⁣(⁣٢) لفظاً - وهو ظاهر - أو تقديراً، وذلك بأن يحتملها رسم المصحف، نحو قراءة من قرأ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ٤}⁣[الفاتحة] بغير ألف، فيحتمل أنها حذفت منها الألف كما حذفت من اسم الفاعل - نحو:


(١) قال الجزري: ونعني بموافقة أحد المصاحف ما كان ثابتاً في بعضها دون بعض كقراءة ابن عامر {قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا}⁣[البقرة ١١٦] بغير واو {وَبالزُّبُرِ وَبالْكِتَابِ}⁣[آل عمران ١٨٤] بإثبات الباء فيهما، فإن ذلك ثابت في المصحف الشامي. وقولنا: «ولو احتمالاً» نعني به ما وافقه تقديراً، نحو {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}⁣[الفاتحة ٤] فإنه كتب في الجميع - أي: جميع المصاحف العثمانية - بلا ألف، فقراءة الحذف توافقه تحقيقاً، وقراءة إثبات الألف توافقه تقديراً؛ لحذفها من الخط اختصاراً، كما كتب {ملك الملك}⁣[آل عمران ٢٦]. وقولنا: «وصح سندها» نعني به أن يروي تلك القراءة العدل الضابط عن مثله وهكذا حتى ينتهي، وتكون مع ذلك مشهورة عند أئمة هذا الشأن، غير معدودة عندهم من الغلط أو مما شذ بها بعضهم. قال: وقولنا: «ولو بوجه» نريد به وجهاً من وجوه النحو، سواء كان أفصح أم فصيحاً، مجمعاً عليه أم مختلفاً فيه اختلافاً لا يضر مثله، كقراءة ابن عامر: {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ} ببناء الفعل {زُيَّنَ} للمجهول ورفع {قَتْلَ} على أنه نائب فاعل ونصب {أَوْلَادِهِمْ} مفعول للمصدر وجر {شُرَكَاؤُهُمْ} مضافاً للمصدر الذي هو {قَتْلَ}، فقد فصل بين المتضايفين وهما {قَتْلَ} {شُرَكَاؤُهُمْ} بـ {أَوْلَادِهِمْ}. الإتقان ص ١٤٢ ط ١، دار ابن حزم. وغاية المريد في علم التجويد ص ١٦ ط ١٠ دار التقوى.

(٢) وقد اختلف في عدد المصاحف التي أرسل بها عثمان إلى الآفاق، فقيل: سبعة إلى مكة والمدينة والكوفة والشام واليمن والبحرين والبصرة، وقيل: خمسة فقط إلى مكة والمدينة والشام والكوفة واليمن. الإتقان في علوم القرآن.