مسألة: [طرق العلة]:
[أقوال العلماء في الشبه]:
  وكلام العلماء مضطرب في هذه الطريق المسماه بالشبه، فأصحابنا جعلوها طريقة الدوران الذي سماه ابن الحاجب: الطرد والعكس.
  قالوا: وقد اختلف في إفادة الشبه للعلِّيِّة ودلالته عليها بنفسه على مذاهب:
  أحدها - وهو قول الأكثر -: أنه يدل عليها مطلقاً.
  ثانيها: لا يدل مطلقاً.
  ثالثها: يفيد بشرط أن تقوم(١) دلالة خاصة على لزوم القياس على ذلك الأصل.
  رابعها - قالوا: وهو المختار -: أنه إنما يكون طريقاً مقطوعاً بإفادته ذلك حيث يعلم وجوب التعليل للحكم جملة، على ما مر في السبر، وإلا فموضع اجتهاد لا يقطع فيه بنفي ولا إثبات، بل يرجع كل مجتهد إلى ما يقوى له(٢). هذا كلام متأخري الأصحاب في هذه المسألة.
  لا يقال: كيف عدّوا الشبه على هذا طريقاً مستقلاً بالإفادة، وقد شرطوا فيه ما يخرجه إلى ما عدوه طريقاً رابعاً، وهو السبر؛ حيث شُرط فيه تقدم العلم بتعليل هذا الحكم المخصوص جملة؛ لأنا نقول: إنهم إنما أرادوا أنه إذا قد ثبت تعليل ذلك الحكم جملة، ثم وجدنا وصفاً يوجد بوجوده وينتفي بانتفائه - كان ذلك بمجرّده مفيداً ظن علّيّته من غير نظر إلى حصر و تقسيم وإبطال، وليس كذلك السبر؛ فافترقا.
  قلت: هكذا قرره الإمام الحسن #، والذي اختاره في الجوهرة قبول
(١) في (أ) و (ب): «تقدم».
(٢) من القرائن المرشدة إلى أن الوصف علة: نحو أن يكون لبعض الأوصاف تأثير في الحكم وليس لبعضها مثل ما له من الأثرية فيكون أولى، مثاله ما نقوله في مراضاة البالغة العاقلة على التزويج، فالعلة عندنا في وجوب مراضاتها البلوغ، فلا يجب مراضاة الصغيرة وإن كانت ثيّباً، خلاف الشافعي، والشافعي يقول: بل الثيبوبة، فلا تراضى البكر، فالتعليل بالبلوغ أولى؛ لأن له تأثيراً في الولاية، بخلاف الثيبوبة. مرقاة السيد دوود ص ٤٦٠ ط/الأولى.