الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

فرع: [الخلاف في العلم بتأويل المتشابه]:

صفحة 108 - الجزء 1

  ظاهرها مقتضى العقل، وهي ما طابق ظاهرها⁣(⁣١) القول بالجبر والتشبيه.

  والمجمل ليس بمحكم؛ إذ لم يعلم الغرض منه، ولا متشابه؛ لذلك. وعند ابن الحاجب: أنه من المتشابه، وليس بصحيح؛ لقوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ}⁣[آل عمران ٧]، وذلك يقتضي أن للمتشابه ظاهراً يَتَّبِعه السامع، والمُجْمل لا ظاهر له مُتبّع، فلا تشابه فيه.

  وإنما سُمِّي متشابهاً لأن ظاهره يُشْبه الحق؛ لصدوره من عدل حكيم، ويشبه الباطل؛ لمخالفته ما قضى به العقل.

فرع: [الخلاف في العلم بتأويل المتشابه]:

  ويعلم تأويله الراسخون في العلم، عند أئمتنا $ وبعض السلف والجمهور. وقال بعض السلف وأكثر الفقهاء والمحدِّثون: لا يعلمونه؛ لعدم الخطاب به، والمراد منه التلاوة.

  قلنا: بل خُوطِبْنا به، والحكيم لا يخاطب بما لا يُفْهَم؛ إذ لو لم نُخاطَب به لم يخلُ كلام الحكيم من أن يكون على جهة الدرس للحفظ أو التفهم، وكلاهما في حقه⁣(⁣٢) باطل، فتعين أنه⁣(⁣٣) لإفهام الغير⁣(⁣٤). وأيضاً الواو في قوله تعالى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ}⁣[النساء ٧] ظاهرة في العطف، سلّمنا عدم الظهور فيه، فمتشابه؛ لاحتماله الحال والاستئناف⁣(⁣٥)؛ فلا يحتجون به؛ لأنهم لا يعلمونه، وإلا عاد على مذهبهم بالنقض.

  واحتجاجُهم بورود الوقف على الجلالة باطلٌ؛ إذ لا يمنع الوقف صحة


(١) في (أ): «ظواهرها».

(٢) أي: في حق الحكيم ø.

(٣) في (ج): «كونه».

(٤) وذلك لا يكون إلا بما له معنى يعقل. شفاء غليل السائل.

(٥) والعطف.