الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

مسألة: [أقسام العلة]:

صفحة 318 - الجزء 1

  وجوهه ليس هذا محله، لكنا نذكر أوجهاً هنا تبعاً للإمام المهدي #، وهو يحسن التكرار في شأن العلة كما⁣(⁣١) عرفناك⁣(⁣٢)، فنقول: العلة ترجح بوجوه:

  الأول: قوة طريق وجودها في الأصل، بأن كان وجودها فيه مقطوعاً به أو مظنوناً بالظن الغالب، وطريق وجود الأخرى دون ذلك، مثاله في الوضوء: طهارة بمائع فلا يفتقر إلى النية كغسل النجاسة، مع قول الآخر: طهارة حكمية فتفتقر كالتيمم إلى النية، فالأُولى أرجح؛ لأن ثبوتها معلوم.

  الثاني: قوة طريق كونها علة، بأن يكون دليل علّيّتها النص أو الإجماع، بخلاف الأخرى فدليل علّيتها ليس إلا الاستنباط.

  الثالث: أن تصحب⁣(⁣٣) علة تقويها، دون الأخرى؛ للقطع بإفادة ذلك للقوة، مثال ذلك: قولنا في الوضوء: طهارةٌ للصلاة فتجب النية كالتيمم؛ ولأنه عبادة فتجب فيه كالصلاة، وسيأتي في باب الترجيح بقية وجوه ترجيحها.

مسألة: [أقسام العلة]:

  وأما أقسامها فهي تنقسم إلى مؤثرة، ومناسبة، وشَبَهِيِّة، وطردية.

  فالمؤثرة: ما دل عليها السمع على مراتبه وإن لم يظهر فيها مناسبة. ونعني

  بِـ «مراتبه»: إما نص أو تنبيه نص أو إجماع، وهذه طرقها كما سيجيء. وقولنا: «وإن لم يظهر فيها مناسبة» نحو: «من مس ذكره فليتوضأ»، وهذه هي العلة السمعية.

  والمراد بكونها مؤثرة هنا بالمعنى الأخص؛ إذ هو الأشهر من اصطلاحهم؛ لأن للأصوليين في تسمية العلة بالتأثير اصطلاحين: أعم، وهو أن جميع العلل ...


(١) من أن العلة عليها مدار لولب القياس.

(٢) في (أ): «عرَّفنا».

(٣) أي: أن تصحب العلة المعلل بها علةً أخرى.