تنبيه آخر: [الحديث المرفوع ومعنى العنعنة]:
  الثانية: من اختصر بعض المسندات فحذف أسانيدها لم يكن له حكم المراسيل؛ لأن العهدة عند المختصر على الراوي الأول، والراوي الأول قد أسند، ومن أسند ولم يصحح لم يَحمِل عهدةً.
  الثالثة: مَنِ اعتقد أن العلماء لا يروون إلا عن عدل كان مُرْسلُه أضعف المراسيل، وكان غير مقبول. ذكر ذلك [كله](١) الإمام الحسن #.
تنبيه آخر: [الحديث المرفوع ومعنى العنعنة]:
  المرفوع من الحديث: ما أ ضيف إلى النبي ÷ قولاً له أو فعلاً، سواء أضافه إليه صحابي أو تابعي أو مَن بعدهما، سواء اتصل إسناده أم لا. فعلى هذا يدخل فيه المرسل والمُتصل.
  والظاهر في العنعنة: الإسناد، وهي مصدر عَنعَنَ الحديث، إذا رواه بلفظ «عن». وإنما يقبل ذلك في الرواية إذا علم بصريح لفظه أو عادته أنه يريد به السماع، فإن لم يُبيِّن إرادته لذلك فهو مُتردد بين المسند والمرسل فلا يقبل، ذكر ذلك الشيخ أبو حامد برواية الإمام الحسن #، وروى عنه أنه قال بعد هذا ما لفظه: ثم العنعنة جرت العادة بها في الكَتَبَة، فإنهم استثقلوا أن يكتبوا عند كل اسم أنه روي عنه(٢) سماعاً منه، وشحُّوا على القرطاس والوقت أن يضيعوه فأوجزوا.
  قال الإمام الحسن #: وكلام أبي حامد هو باعتبار الأصوليين ومن وافقهم، وأما في الأعصار المتأخرة فقد صارت العنعنة في عُرف المُحَدِّثين موضوعة للإجازة، لا تستعمل في غيرها، والحقيقة العرفية أقدم من اللغوية؛ لأن الأصوليين اعتبروا استعمال الصحابة والتابعين، ذكر معنى ذلك
(١) ما بين المعكوفين من (ب).
(٢) عبارة المستصفى: «روى عن فلان سماعًا منه».