الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[حقيقة الشرط لغة واصطلاحا]

صفحة 311 - الجزء 1

  ومنها: العلة الباعثة، كالزنا⁣(⁣١).

  ومنها: مستند العلة، كاليمين عند قوم، فهي سبب الكفارة، وعلتها الحنث، ولكنه لا يعقل إلا بها، وهذا مجرد مثال، وإلا فكلام أصحابنا أن اليمين والحنث معاً سبب للكفارة، أي: علتها؛ ولذا منعوا من تقدم الكفارة على الحنث؛ لأنه جزء العلة، وهي عندهم مركب من مجموعهما، والحكم لا يتقدم على سببه وإن جاز تقديمه⁣(⁣٢) على شرطه، كتعجيل الزكاة على الحول الذي هو شرط بعد ملك النصاب الذي هو سبب. ومنها: علة العلة، كالرمي، فهو سبب الموت، وعلته الجرح.

  وقد يكون الوصف الواحد سبباً لأحكام وعلة لأُخَر، كالحيض فإنه علامة للبلوغ وخلوِّ الرحم من الولد ولانقضاء العدة، وعلة في تحريم الوطء ومسِّ المصحف وقراءة القرآن والاعتداد بالأشهر. وإنما كان في الأول سبباً وفي الأُخَر علة لأن العلة من حقها أن تكون مناسبة لمعلولها مهما⁣(⁣٣) لم تكن شبهية، والعقل يقضي بمناسبة الحيض لتحريم الوطء مثلاً لما فيه من الأذى، دون البلوغ ونحوه⁣(⁣٤)، فاعرفه.

[حقيقة الشرط لغة واصطلاحاً]:

  وأما حقيقة الشرط فهو في اللغة: العلامة، قال تعالى: {فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا}⁣[محمد ١٨]. وفي الاصطلاح: ما يقف عليه وجود علة الحكم، كالعقل في البيع الذي هو علة في وقوع الملك، والولاية في النكاح الذي هو علة في استباحة الوطء، أو يقف تأثيرها فيه عليه، كالإحصان في الرجم.


(١) في وجوب الحد.

(٢) في (ج): «تقدمه».

(٣) في (ج): «ما لم ..» إلخ.

(٤) إذ لا مناسبة بين خروج الدم وبين البلوغ وخلو الرحم من الولد وانقضاء العدة.