[إمكان الإجماع والعلم به ونقله]
[إمكان الإجماع والعلم به ونقله]:
  واعلم أنه يجبُ قبل القول بحجيِّة الإجماع النظرُ في ثبوته، وفي العلم به، وفي نقله، ثم نتكلم فيها.
  أما ثبوته فاعلم أنه قد ادّعى في الفصول الاتفاق على إمكانه عقلاً، بمعنى: أن تصوّر وقوعه في الذهن ممكن، وإنما الخلاف في وقوعه في الخارج، فعند أكثر أئمتنا $، والجمهور أنه قد وقع مطلقاً(١). وقيل: لم يقع مطلقاً.
  وقال المنصور بالله والإمام يحيى $ والرازي، وأحد قولي أحمد: وقع من الصحابة دون غيرهم. قال المؤيد بالله والمنصور بالله والإمام يحيى والأمير الحسين $: ومن الأربعة المعصومين فقط في إجماع العترة $.
  قلت: وما حكاه غيره عن النَّظَّام وبعض الشيعة من المنع من ثبوته فلعلَّه للعادة؛ لأن اتفاقهم فرع تساويهم في نَقْلِ الحكم إليهم، وانتشارُهم في الأقطار يمنع نَقْلَ الحكم إليهم، وذلك مما تقضي به العادة. وأجيب: بأن منع الانتشار من ذلك غير مسلّم مع جِدِّهم في الطلب، وبحثهم عن(٢) الأدلة، وإنما يمتنع ذلك عادةً فيمن قَعَدَ في قَعْر بيته لا يبحث ولا يطلب.
  وأما العلم باتفاقهم ونقل الإجماع إلى من يحتج به فذلك لا يستحيل عادة. وخالف منكروا الإجماع؛ لتشتت العلماء شرقاً وغرباً، فلو فَرْضنا ثبوته في نفسه أحَالَتْهُ العادة(٣) لذلك(٤)، بل لا يُعرفون بأعيانهم، فضلاً عن تفاصيل أحكامهم، فيثبت أنا لا نعلمه. وَنَقْلُه - أيضاً - مستحيل عادة؛ إذ المعتبر فيه(٥) التواتر،
(١) في الصحابة وغيرهم. هامش (أ).
(٢) في (أ) و (ب): «على الأدلة».
(٣) لأن العادة قاضية بأنه لا يتفق أن يثبت عن كل واحد من علماء الشرق والغرب بأنه حكم في المسألة الفلانية بالحكم الفلاني. قسطاس.
(٤) أي: لأجل تشتت العلماء شرقاً وغرباً.
(٥) أي: في العلم. والله أعلم.