مسألة: [الخلاف في إجماع أهل العصر الثاني على أحد قولي أهل العصر الأول]:
  الإجماع حجة، وجوز لبعض المجمعين أن يخالف قولهم ما لم ينقرض العصر، قال: وهو قول بعض الشافعية. ومنهم من جعله طريقاً إلى صحة الإجماع.
  قلنا: لم يَعْتَبِره الدليل الدال على حُجيّة الإجماع(١)، وسيأتي، وإنما اعتبر(٢) اتفاق أهل العصر على قول واحد في الحكم، فيثبت ولو لحظة.
مسألة: [الخلاف في إجماع أهل العصر الثاني على أحد قولي أهل العصر الأول]:
  اختلف العلماء في إجماع أهل العصر الثاني - كالتابعين - على أحد قولي أهل العصر الأول بعد استقرار خلافهم، بأن يكون(٣) بعد البحث عن المأخذ، والمختار وفاقاً لأئمتنا $ والجمهور أن ذلك جائز (و) أنه لا يُشترط في انعقاده (كونه لم يسبقه خلاف) مستقر.
  وعند أحمد، والأشعري، والجويني، والغزالي، والصيرفي أنه يمتنع(٤)؛ لأن الخلاف الأول يتضمَّن الإجماع على كون كل واحد من القولين حقًّا، فلا يصح وقوع إجماع على أحدهما؛ إذ يصير إجماعاً على أن ذلك الحق خطأ، وهو لا يصح.
  قلنا: لا نسلّم اتفاق الأولين على تصويب كل منهما؛ لأن كل فرقة تجوّز ما تقول وتنفي الآخر، ولو سُلِّم(٥) فهو مشروط بأن لا يقع إجماع أو نص قاطع ينكشف، فيقتضي(٦) أن أحدهما خطأ.
(١) أي: أن أدلة حجية الإجماع لم تشترط انقراض العصر لأنها عامة تتناول ما انقرض عصره وما لم ينقرض.
(٢) أي: الدليل.
(٣) أي: الخلاف.
(٤) أي: وقوع الإجماع من أهل العصر الثاني على أحد قولي أهل العصر الأول.
(٥) أي: اتفاق الأولين على تصويب كل منهما.
(٦) «فيقضي». نخ.