الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

مسألة: [الخلاف في إجماع أهل العصر الثاني على أحد قولي أهل العصر الأول]:

صفحة 223 - الجزء 1

  الإجماع حجة، وجوز لبعض المجمعين أن يخالف قولهم ما لم ينقرض العصر، قال: وهو قول بعض الشافعية. ومنهم من جعله طريقاً إلى صحة الإجماع.

  قلنا: لم يَعْتَبِره الدليل الدال على حُجيّة الإجماع⁣(⁣١)، وسيأتي، وإنما اعتبر⁣(⁣٢) اتفاق أهل العصر على قول واحد في الحكم، فيثبت ولو لحظة.

مسألة: [الخلاف في إجماع أهل العصر الثاني على أحد قولي أهل العصر الأول]:

  اختلف العلماء في إجماع أهل العصر الثاني - كالتابعين - على أحد قولي أهل العصر الأول بعد استقرار خلافهم، بأن يكون⁣(⁣٣) بعد البحث عن المأخذ، والمختار وفاقاً لأئمتنا $ والجمهور أن ذلك جائز (و) أنه لا يُشترط في انعقاده (كونه لم يسبقه خلاف) مستقر.

  وعند أحمد، والأشعري، والجويني، والغزالي، والصيرفي أنه يمتنع⁣(⁣٤)؛ لأن الخلاف الأول يتضمَّن الإجماع على كون كل واحد من القولين حقًّا، فلا يصح وقوع إجماع على أحدهما؛ إذ يصير إجماعاً على أن ذلك الحق خطأ، وهو لا يصح.

  قلنا: لا نسلّم اتفاق الأولين على تصويب كل منهما؛ لأن كل فرقة تجوّز ما تقول وتنفي الآخر، ولو سُلِّم⁣(⁣٥) فهو مشروط بأن لا يقع إجماع أو نص قاطع ينكشف، فيقتضي⁣(⁣٦) أن أحدهما خطأ.


(١) أي: أن أدلة حجية الإجماع لم تشترط انقراض العصر لأنها عامة تتناول ما انقرض عصره وما لم ينقرض.

(٢) أي: الدليل.

(٣) أي: الخلاف.

(٤) أي: وقوع الإجماع من أهل العصر الثاني على أحد قولي أهل العصر الأول.

(٥) أي: اتفاق الأولين على تصويب كل منهما.

(٦) «فيقضي». نخ.