الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

مسألة: [طرق العلة]:

صفحة 365 - الجزء 1

  [قلت: ولقائل أن يقول: لعل المصنف ¦ إنما قصر لأن الثابت بغير الدوران من إجماع أو نص أو غيرهما ليس بطريق؛ لأن الطريق ما ثبت به الشبه، لا الشبه نفسه. لا يقال: الثابت بالدوران كذلك؛ لأنا نقول: لعل المصنف نحى به نحو ابن الحاجب في أنه لا يفيد ظنًّا ولا قطعاً، فليس إلا دالاً على الشبه، فمهما وجد دل على أن هناك مناسبة ما مع لحوظ الشارع إلى ذلك الوصف؛ ولهذا ذكر ابن الحاجب ثبوته بالمسالك مع عدم الدوران؛ بناءً منه على ما قرره من أنه لا يفيد ولا يثبت به الشبه، فلعلّ المصنف تبعه]⁣(⁣١).

تنبيه: [طرق العلة الفاسدة]:

  واعلم أن طرق العلة الفاسدة ست، وهي: قولهم الدليل على هذه العلة اطرادها في معللاتها، وهو ملازمة الحكم لها، بحيث يوجد الحكم بوجودها، من دون عكس، وهو أن ينتفي بانتفائها. أو عجز⁣(⁣٢) الخصم عن إبطالها. أو ما ذكرته تعديةٌ⁣(⁣٣) واعتبارٌ لحكم الفرع بالأصل؛ فيجب قبوله؛ لاندراجه تحت قوله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ ٢}⁣[سورة الحشر]. أو يدل على صحتها سلامتُها عن علة تعارضها. أو مجاورتها للحكم - كمجاورة الإحصان للرجم - دون غيرها، كالزنا. أو كونها مُسلَّمة بين الخصمين. فجميع هذه الأشياء فاسدة عند أبي طالب، والمنصور @، وأبي الحسين، والمتأخرين من أصحابنا، خلافاً لبعض الشافعية. قلت: لا دليل على أن واحداً منها مسلك صحيح. والله أعلم.


(١) ما بين المعكوفين سقط من (أ) و (ج).

(٢) أي: ومن العلل الفاسدة قولهم: الدليل على صحة هذه العلة عجز الخصم عن إبطالها.

(٣) أي: ومن العلل الفاسدة، قولهم: إن الدليل على صحة هذه العلة أن ما ذكرته تعدية واعتبار لحكم الفرع بالأصل ... الخ. قال في الدراري المضيئة: وهذا فاسد؛ فإن هذه الدلالة على تسليم كونها من البراهين الدالة على أصل القياس وثبوت قاعدته غير دالة على تعيين العلة بالصحة، والإجماع منعقد على أنه لا بد من دليل خاص على ثبوت تعيين العلة، ولا يكفي حصول الدلالة على أصل القياس.