الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[ما يرد من أخبار الآحاد وما يقبل]

صفحة 181 - الجزء 1

  يده» - فقالا: كيف نصنع بالمهراس⁣(⁣١)؟ أي: إذا كان فيه ماء ولم ندخل فيه اليد فكيف نتوضأ منه؟⁣(⁣٢).

  الوجه الثاني: أن الخبر دليل لا يحتاج إلى غيره، بل يستقل بنفسه، بخلاف القياس فإنه يحتاج إلى النص وإلا لم يصح، والمستقل أقوى من غير المستقل.

  الوجه الثالث: أن معاذاً قدم النص على القياس، فصوّبه رسول الله ÷. لا يقال: إنما قدم النص المعلوم دون المظنون؛ لأنا نقول: بل الظاهر العموم.

  الوجه الرابع: أنه لو قُدِّم القياس لكنا قد عملنا بالأضعف مع وجود الأقوى، وذلك لا يجوز بالإجماع. بيان كون الخبر أقوى: أنه إنما يجتهد فيه في أمرين، وهما: العدالة والدلالة⁣(⁣٣) فقط، والقياس يُجتهد فيه في ستة أمور، وهي: حكم الأصل، وتعليله، ووصف التعليل⁣(⁣٤)، ووجوده في الفرع، ونفي المعارض فيهما⁣(⁣٥)، وفي الأمرين المذكورين في الخبر حيث حكم الأصل ثابت بخبر⁣(⁣٦)، فثبت أن الخبر أقوى من القياس؛ فوجب تقديمه.

[ما يرد من أخبار الآحاد وما يقبل]:

  (ويُرَدُّ) من الخبر الآحادي (ما خالف الأصول المقررة(⁣٧)) المُمهَّدة.


(١) المهراس: حجر منقور مستطيل عظيم كالحوض، لا يقدر أحد على تحريكه. انظر نهاية ابن الأثير «مادة هرس».

(٢) قال في الجوهرة: أجيب عنه بأن ابن عباس لم يرده للقياس، بل لأنه لا يمكن العمل به؛ إذ لا يمكن المتوضيء قلب المهراس على يده. الجوهرة ص ٢٨٩ ط/الأولى.

(٣) أي: عدالة الراوي ودلالة الخبر.

(٤) لفظ الغاية: وتعيين الوصف الذي به التعليل. ٢/ ١١٥.

(٥) أي: في الأصل والفرع.

(٦) لفظ شفاء غليل السائل: وهذا إذا لم يكن الأصل خبراً آحاديًّا، وإلا وجب الاجتهاد فيه في الأمور الستة مع الأمرين المذكورين في الخبر.

(٧) وهي كل ما أفاد العلم من الأدلة العقلية والنقلية، من الكتاب والسنة المتواترة والاجماع القطعي. كاشف لقمان.