الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

مسألة: [ماذا يعمل المجتهد عند تعارض الأمارات]:

صفحة 610 - الجزء 1

  لنا: أن التقليد بدلٌ يجوز الأخذ به ضرورة لمن لا يمكنه الاجتهاد، ولا يجوز الأخذ بالبدل مع التمكن من المُبدل، كالوضوء والتيمم. ولنا أيضاً: أن جواز تقليده لغيره حكم شرعي، فلا يثبت إلا بدليل، ولا دليل؛ إذ الأصل عدمه.

  نعم، وهذا الخلاف إنما هو قبل اجتهاده في الحكم. (ويحرم) على المجتهد تقليد غيره في حكم (بعد أن اجتهد) ونظر فيه (اتفاقاً).

مسألة: [ماذا يعمل المجتهد عند تعارض الأمارات]:

  اتفق العلماء على أنه لا تعارض في الأدلة القطعية؛ لاستلزامه ثبوت مقتضى المتعارضين، وهما نقيضان، فيقتضي اجتماع النقيضين، وهو لا يجوز⁣(⁣١).

  فأما الظنيات فيجوز التعارض فيها (و) حينئذٍ فالمجتهد (إذا تعارضت عليه الأمارات) وقف⁣(⁣٢) حتى يظهر له مرجح لأيها، و (رجع إلى الترجيح) فيعمل بالأرجح (فإن لم يظهر له رجحان) لأيها (فقيل: يُخَيَّر) في الأخذ بأيها شاء (وقيل: يُقلِّد أعلم منه) إن كان، (وقيل:) بل يجب اطراحهما (ويرجع إلى حكم العقل) إما الإباحة أوالحظر، وهذا هو المختار. وقد مر بعض تحقيق هذه المسألة، وسيأتي استيفاء القول فيها في باب الترجيح، إن شاء الله تعالى.

مسألة: [هل يصح لمجتهد قولان متناقضان في وقت واحد]:

  قال أئمتنا $ والحنفية: (ولا يصح لمجتهد قولان متناقضان في وقت واحد) في مسألة واحدة بالنسبة إلى شخص واحد؛ لأن دليليهما إن تعادلا توقف، وإن رَجَح أحدهما فهو قوله فيتعين. وقوله: «لمجتهد» لأنه كثيراً ما تتناقض أقوال المجتهدين. وقوله: «في وقت واحد» للقطع بجواز ...


(١) في (ب): «وهو محال».

(٢) أي: عن العمل بشيء منها.