الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

مسألة: [الخلاف في جواز التعبد بخبر الواحد]:

صفحة 161 - الجزء 1

مسألة: [الخلاف في جواز التعبد بخبر الواحد]:

  ذهب أئمتنا $ والجمهور إلى جواز التعبّد بخبر الواحد العدل. وقيل: ممتنع عقلاً، رواه في الجوهرة عن بعض الإمامية والبغدادية والخوارج.

  ومثلُه روى الإمام المهدي # عنهم في معياره، ورواه عن القاساني⁣(⁣١) أيضاً، إلا عن بعض الخوارج فلم يروه، وروى⁣(⁣٢) مثل ما ذكره عن الحاكم⁣(⁣٣)، قال⁣(⁣٤): إلا القاساني فعن غيره⁣(⁣٥).

  وظاهر المنتهى والعِقْد عن القاساني منع الوقوع فقط.

  وقيل: ممتنع عقلاً وسمعاً.

  والحجة لنا على الجواز: أنه قد وقع التعبد به عقلاً وسمعاً، وأنه دليل الجواز، فإن وجوب⁣(⁣٦) دفع الضرر المظنون معلوم عقلاً ضرورة، فإنا نعلم أن مَن أُحضر إليه طعام، وأخبره من يغلب في ظنه صدقه أن فيه سمًّا، فإنه يعلم ونحن نعلم أنه إذا أقدم عليه مع غلبة ظنه أنه مسموم استحق الذم قطعاً،


(١) القاساني - بالسين المهملة - نسبة إلى قاسان، أبو بكر محمد ابن إسحاق القاساني، كان داودي المذهب، أي: من الظاهرية، (ت ٢٨٠ هـ).

(٢) أي: الإمام المهدي #. انظر المنهاج ص ٤٨٠ ط/ الأولى.

(٣) أي: الجشمي. وهو المحسن بن محمد بن كرامة البيهقي، الإمام الحاكم، أبو سعد، من ولد محمد بن الحنفية، الْجُشَمِي، ولد في شهر رمضان سنة ٤١٣ هـ، كان حنفيًّا في الفروع معتزلياً في الأصول، وانتقل إلى مذهب الزيدية، كان إماماً عالماً مصنفاً، صادعاً بالحق، له جملة كتب، منها: كتاب الإمامة على مذهب الزيدية، وكتاب العيون، وشرحه، ألَّفه حال اعتزاله، وجعل فيه أئمة آل محمد $ أئمة للمعتزلة، وله كتاب تنزيه الأنبياء والأئمة، وتنبيه الغافلين في فضائل الطالبيين، والتأثير والمؤثر، والانتصار لسادات المهاجرين والأنصار، وتحكيم العقول في الأصول إلى غير ذلك، وله رسالة تسمى رسالة الشيخ أبي مرة إلى إخوانه المجبرة، وكانت السبب في قتله، استشهد في رجب سنة ٤٩٤ هـ، وعمره إحدى وستون. بتصرف لوامع الأنوار ط ٢/ ٢/١٢، وطبقات الزيدية الكبرى ترجمة (٥٥٥).

(٤) أي: المهدي #.

(٥) الضمير في غيره عائد إلى الحاكم.

(٦) هذا مثال وقوع التعبد به عقلاً. قسطاس.