تنبيه:
تنبيه:
  القائلون بدليل الخطاب والنافون له متفقون على أن للمنطوق به حكماً على حسب ما يقتضيه، وأنه غير ثابت للمسكوت عنه، وإنما يختلفون هل تجدد للمسكوت عنه حكم من مفهوم الخطاب، أو هو باقٍ على ما كان عليه من عقل أو شرع(١)؟
  والأصح أن من اعتبره يعتبره في الإنشاء والخبر جميعاً، لا في الإنشاء فقط، خلافاً للإمام يحيى # وابن الحاجب وغيرهما، كقوله ÷: «مطل الغني ظلم»(٢)، وإلغاؤه(٣) في بعض صوره لمانع، نحو: في الشام الغنم السائمة(٤) - لا ينافي اعتباره، كالإنشاء(٥).
  واختلف معتبروه بماذا كان حجة؟ فقيل: باللغة، وهو المختار. وقيل: بالعرف العام. وقيل: بالشرع.
(١) قال في الدراري المضيئة: فأهل القول بمفهوم الخطاب يجعلونه حكماً شرعياً، ومن منع من ذلك لا يجعله حكماً شرعياً، قال القاضي عبدالله [الدواري]: مثال ذلك إذا قال النبي ÷ - ابتداءً قبل إيجاب الزكاة جملة -: «في الغنم السائمة زكاة»، فإن الجميع يقولون: لا يجب في المعلوفة زكاة؛ لأن المانع للمفهوم يقول: لا زكاة فيها؛ لأن النقل قاضٍ بذلك. ومن يقول بالمفهوم يقول: لا زكاة فيها بالشرع مع العقل، وكأنه حين قال: «في السائمة زكاة» تكلم بأن قال: وليس في المعلوفة زكاة. ثم الفائدة تظهر لو ورد خطاب بأن في المعلوفة زكاة بعد ذلك، فمن يقول بالمفهوم يقول: إن إيجاب الزكاة في المعلوفة نسخ؛ لأنه أزال حكماً شرعياً، وهو عدم الوجوب فيها، ويعتبر في ذلك شرائط النسخ، ومن يمنع المفهوم يقول: هو شرع مبتدأ ليس بنسخ، ولم يعتبر شرائط النسخ.
(٢) فيكون مفهومه: أن مطل الغني ليس بظلم، فلا يحبس ولا يعاقب.
(٣) هذا جواب على قول المانع من اعتباره في الخبر: وجدنا ما هذا حاله ملغى، فهو لا يعمل به. الدراري المضيئة بتصرف.
(٤) فالعقل يقضي بأن هذا المفهوم ملغى؛ للعرفان بوجود المعلوفة في الشام، فالمانع هنا هو القرينة العقلية.
(٥) فإنه قد يلغى في بعض الصور لقرينة، ومع ذلك فلم يلزم من ذلك الإلغاء عدم الاعتبار، كما في وله تعالى: {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً}[آل عمران ١٣٠]، فالمفهوم هنا لا يعمل به؛ لمعارضته القاطع، وهو قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}[البقرة ٢٧٥].