الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[الخلاف في العلم الحاصل بالتواتر هل هو ضروري أو استدلالي]

صفحة 146 - الجزء 1

  قال القاضي عبدالله: ولو قيل للسمنيَّة: هلّا عمدتم⁣(⁣١) طريق الشام إذا أردتم المسير إلى اليمن لأنكروا ذلك أشد الإنكار، ولا عرفان لجهة اليمن عند من لم يأته إلا بالأخبار المتواترة. انتهى⁣(⁣٢).

[الخلاف في العلم الحاصل بالتواتر هل هو ضروري أو استدلالي]:

  قال في الفصول: واتفق العقلاء على حصول العلم به [بناء منه على أن المخالفين شرذمة قليلة لا يلتفت إليهم]⁣(⁣٣) لكن اختلفوا، فعند أئمتنا $ والجمهور من المعتزلة والأشعرية والفقهاء والمحدثين: أنه ضروري. وعند البغدادية، والمطرفية، والملاحمية، وبعض الأشعرية، وبعض الفقهاء: أنه استدلالي. وتوقف الموسوي⁣(⁣٤) والآمدي.

  قال في الجوهرة ما معناه: والخلاف في هل التواتر طريق إلى العلم الضروري، أو إلى العلم الاستدلالي؟ والمختار الأول؛ لأنه يمتنع علينا النظر في وجود مكة وبغداد، كما يمتنع في وجود ما نشاهده سواء سواء، وذلك علامة الضروري، ولأن العلم بذلك قد يحصل لمن ليس من أهل النظر، كالعوام المُهْمِلين لطريق⁣(⁣٥) النظر، بل قد يحصل لمن لم يكمل عقله، كالصبيان والمراهقين، ولأن دلالتهم على ذلك لا يعرفها إلا عدد يسير من الناس، والعلم بِمُخْبَرِ الأخبار المتواترة حاصل لعوام الناس، فلو كان العلم بذلك موقوفاً على معرفة تلك الدلالة لما عرفه إلا من عَرَفها، ومعلوم خلافة.


(١) في (ب): «عدتم».

(٢) أي: كلام القاضي عبدالله الدواري ¦.

(٣) ما بين المعكوفين من كلام المؤلف وليس من كلام صاحب الفصول، أراد التعليل لقول صاحب الفصول: اتفق ... إلخ.

(٤) الموسوي: هو علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق الملقب بالشريف المرتضى، كان عالماً شاعراً، وكان إماميًّا ناصراً لمذهبهم معدوداً من رجالهم، له مؤلفات كثيرة، أشهرها كتاب أمالي المرتضى، وكتاب الرد على مغني عبدالجبار. (ت ٤٣٦ هـ).

(٥) في (أ): «لطرائق».